السلطة السورية تمنح موسكو امتيازات اقتصادية بعد زيارة الوفد الروسي
زار وفدان ورسيان، سياسي واقتصادي، أمس الإثنين العاصمة السورية دمشق، برئاسة يوري بوريسوف نائب رئيس الوزراء، وحضور عدد من الدبلوماسيين الروس على رأسهم سيرغي لافروف وزير الخارجية، واجتمعا مع رأس السلطة، بشار الأسد، وعدد من المسؤولين في حكومته.
وخلال الزيارة المفصلية التي وظفتها موسكو من أجل وضع النقاط على الحروف، في الملفات المهمة، والضغط على السلطة حسب ما تدعي بهدف تقديم تعاون حقيقي في إنجاز الملفات السياسية، منحت السلطة إلى الروس امتيازات اقتصادية واستثمارات أوسع في القطاع الذي يشهد تنافسا دوليا قويا، وبحث ترتيبات جدية في بنية السلطة السورية بهدف تحسين أدائه تجاه الأزمات التي تعانيها البلاد والتي باتت تهدد بنية المجتمع السوري.
وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري يوريسوف، خلال مؤتمر صحفي عقده في دمشق إلى جانب وزير خارجية السلطة، وليد المعلم، عن تسليم موسكو للسلطة مشروعا روسيا للاتفاقية الاقتصادية الجديدة لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين الطرفين.
وأعرب عن أمله بتوقيع الاتفاقية، التي وصفها بـ “المهمة”، خلال زيارته المقبلة إلى دمشق في كانون الأول المقبل، مشيرا إلى أن الاتفاقية ستضع الأطر الجديدة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين في السنوات المقبلة”.
وأكد العمل لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري مع سوريا، وأن هنالك أكثر من 40 مشروعا، فيما يتعلق بإعادة الإعمار قيد الدراسة في مجالات الطاقة والبنية التحتية ومحطات الطاقة الكهرومائية.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، إن موسكو مستمرة في دعم سوريا، وتطرق للحديث عن دور رئيس الوزراء الجديد حسين عرنوس في تحقيق عدد من من المشاريع التجارية والاقتصادية المهمة بين البلدين، حتى قبل تعيينه رئيسا للوزراء، بحسب قوله.
بدوره قال رأس السلطة في سوريا إن سلطته عازمة على إنجاح الاستثمارات الروسية في سوريا، وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، مضيفا أن السلطة وموسكو “مرتاحتان لمستوى التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.
وروسيا حليفة السلطة الأولى سياسيا وعسكرية، وبدأت تدخلها العسكري المباشر في سوريا في خريف العام 2015، وبدأت منذ العام 2019 بالبحث عن فاتورة تدخلها ودعمها، فوقّعت مع السلطة عدة اتفاقيات في قطاعات حيوية وسيادية في الدولة، مثل استخراج الفوسفات والتنقيب عن النفط والغاز وإنشاء صوامع قمح، كما سعت إلى توقيع اتفاقيات من أجل توسيع سيطرتها على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وأنشات قواعد لها في سوريا ومع مرور الوقت بدأت تأخذ شكل الدولة داخل الدولة.
من جانبه قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقده بعد لقائه برأس السلطة، بشار الأسد، إنهما ناقشا “بصورة مفصلة” الوضع على الأرض.
وتحدث عن إدلب معتبرا أنها من أهم مجالات التعاون بين روسيا وتركيا، وأهم ما فيها الفصل بين المعارضة المعتدلة و”المتطرفة” وتأمين الطريق الدولية حلب – اللاذقية أو ما يعرف بـ”إم 4″، كذلك رأى أن اتفاقية وقف إطلاق النار في إدلب سيتم استكمالها وتحقق النجاح.
وكان الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، توصلا لاتفاق في 15 آذار الفائت.بعد اجتماع مطول في موسكو، ينص على “وقف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب اعتبارا 5 آذار”، وإنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمالي الطريق الدولي “إم 4” و6 كم جنوبه، وتسير دوريات تركية وروسية على امتداد طريق “إم 4” بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور، تنطلق في 15 آذار.
وشهدت أرياف إدلب الجنوبي والشرقي وحلب الغربي والجنوبي، قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار هجوما عسكريا بريا لقوات السلطة السورية والميليشيات الموالية له بدعم من روسيا، حيث سيطرت خلاله على عشرات القرى والبلدات بالمنطقة، بعد قصف مكثف بمختلف أنواع الأسلحة ما تسبب بمقتل وجرح مئات المدنيين ونزوح مئات آلاف منهم.
وحول أهداف الزيارة، كتب المعارض السوري، لؤي حسين: “أعتقد جازما أن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دمشق، يرافقه نائبه ميخائيل بوغدانوف، ليست للتباحث بشأن اللجنة الدستورية، فهذه لا تستاهل زيارة وزير الخارجية، ولا معارك إدلب، فهذه من شأن وزارة الدفاع”.
وأضاف حسين: “لا بد إذا من أنها لترتيبات سياسية في بنية النظام السوري بهدف تحسين أدائه تجاه الأزمات التي تعانيها سوريا خاصة الأزمة المعيشية التي باتت تهدد بنية المجتمع السوري،
وزاد: “أظن أن القيادة الروسية باتت تلاحظ بوضوح إخفاق الرئيس الأسد في التعاطي مع هذه الأزمات، وأن هذا يحتاج من روسيا لتقديم بعض النصائح لتحسين أداء النظام (…) وتحمل تركيبة الوفد الروسي، رسائل سياسية واقتصادية، إذ انه ضم فعليا وفدين الأول، برئاسة بوريسوف نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية والتعاون التجاري والتقني وهو رئيس اللجنة الحكومية المشتركة الروسية – السورية من الجانب الروسي، لذلك زيارته تتعلق بالتعاون الاقتصادي بدون شك، أما لافروف فترأس وفداً سياسياً آخر وأجرى لقاء مع الأسد ووليد المعلم”.
أما الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود حمزة، فقد رأى أن موسكو في هذه الزيارة عملت على تثبيت بعض العقود للشركات الروسية مع حكومة الأسد لتضمن الأيام القادمة خاصة في ظل الصراع مع ايران على تقاسم الحصص والامتيازات.
أما بما يخص الجانب السياسي قال: “من دون شك هناك ملفات ضخمة أولها تفعيل اللجنة الدستورية وهي مطروحة بقوة أمام الروس لأنهم يعتبرون اللجنة مفتاح للعملية السياسية، واللجنة تحتاج إلى ضغط على نظام الأسد الذي يتهرب منها، والدليل على ذلك تغيير اسماء ممثليه في الوفد الذي مثل نظامه في جنيف”.
وبرأي الخبير في الشؤون الروسية فإن الوفد بحث ملفات داخلية هامة أيضا منها شرق الفرات والوجود الامريكي وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وعلاقاتها بالنظام لاسيما بعد توقيع اتفاقية بين منصة موسكو و»قسد» في موسكو أي انها تحت إشراف روسي، من أجل إقحام قسد في مفاوضات جنيف”.