السيارات الحديثة تتجول الأراضي السورية.. كيف يتم تجاوز العقوبات الاقتصادية؟
تخضع السلطة السورية وداعميها لجملة عقوبات أمريكية وأوروبية اقتصادية، والتي من المفترض أن تضيق الخناق على السلطة من أجل جرها لعملية سياسية تنهي الأوضاع في سوريا.
ولكن السلطة السورية والمسؤولين النافذين فيها والميليشيات يتلاعبون على تلك العقوبات، ففي الآونة الأخيرة تداول ناشطون صور لعشرات السيارات الحديثة في مختلف المحافظات السورية، بينها سيارات من أفخم الماركات العالمية، ما خلق تساؤلات عدّة عن كيفية وصولها إلى سوريا في ظل العقوبات الاقتصادية
ورغم فرض العقوبات لم تغيب السيارات الحديثة، التي صُنعت بعد عام 2017 عن المحافظات السورية، لا سيما العاصمة دمشق منها، وتعتبر دولة لبنان هي المصدر الرئيسي للسيارات الرئيسي للسيارة الحديثة بالنسبة لسوريا، إلى جانب دول الجوار الأخرى، والتي يتم إدخالها بثلاث طرق مختلفة.
وبعتمد تجار السيارات في الطريقة الأولى على شراء السيارات من لبنان أو أحد البلدان المجاورة، ويتم إدخالها إلى الأراضي السورية بطريقة قانونية، ليتم الحجز عليها لصالح أمانة الجمارك والأسواق الحرة فيما بعد.
وفقاً للقانون السوري، يحق للتاجر المصالحة على السيارات المصادرة، عبر دفع الرسوم الجمركية التي تتراوح بين 7 إلى 10 أضعاف سعر السيارة، وهو ما يعتمده التجار لفك حجز السيارات المُستقدمة من الخارج، لتبدأ الخطوة التالية المتمثلة بالمصالحة على السيارة في مديريات النقل، وإعطائها لوحة مرورية سورية بشكل رسمي، ويتم خلالها إدراج السيارات ضمن بيانات إدارة المرور والنقل.
ولكن تُعتبر هذه الطريقة الأكثر تكلفة بين طرائق إدخال السيارات، والأقل استخداماً بين التجار، وغالباً ما يتم اعتمادها للسيارات الحديثة رخيصة الثمن في دول الجوار.
أما الطريقة الثانية فيعتمد التجار على شراء السيارات في لبنان بشكل نظامي، وتدخل بعدها الأراضي السورية بلوحاتها المرورية اللبنانية بصفة “زائر”، ثم يخضعونها إلى المصالحة المرورية لإدراجها ضمن بيانات النقل السوري، عوضاً عن تخريجها من سوريا كل 15 يوم، وفقاً للاتفاقيات المعقودة بين البلدين.
ولكن وفي حال فشل عملية المصالحة على السيارات في الطريقة الثانية، يلجأ مالكو السيارات إلى ضباط الأفرع الأمنية لشراء لوحات مرورية تابعة للفرع، لتُدرج ضمن قوائم السيارات الحاصلة على المهمات الأمنية، لكنها خارج بيانات النقل والمرور.
وتتقاضى الأفرع الأمنية مبالغ مالية سنوية لقاء المهمة التي تُمنح لكل من السيارات، تُضاف إلى المبالغ التي تُدفع للضابط المشرف على منح المهمة كـ “رشوة” بشكل دوري.
أما الطريقة الثالثة وهي الأكثر رواجا، تتمثل بشراء السيارات من لبنان بشكل رسمي، تُسجل خلالها باسم أحد المواطنين اللبنانيين، وتدخل ضمن قوائم المرور اللبنانية، ثم يقوم مالك السيارة اللبناني بإدخالها إلى سوريا كـ “زائر”، ويتم بيعها وفراغها في الدوائر الرسمية السورية باسم مالكها السوري، فتدخل بذلك ضمن قوائم المرور والنقل في سوريا، بعد منحها لوحة مرورية سورية بشكل نظامي.
ويُعتبر عناصر ميليشيا حزب الله اللبناني، من أبرز العاملين في تهريب السيارات إلى سوريا بهذه الطريقة، مقابل مبالغ مالية لقاء كل عملية نقل، تتراوح قيمتها بحسب ثمن السيارة، فعادة ما يتقاضى عناصر الحزب مبلغ 2000 دولار أمريكي عن السيارة البالغ ثمنها 15 ألف دولار أمريكي.
ويترتب على مالك السيارة السوري، دفع مبلغ مليون ليرة سورية لأحد الأفرع الأمنية سنوياً، للحصول على لوحة مرورية ومهمة أمنية للسيارة، تُضاف إلى مبلغ ألف دولار أمريكي يتم دفعه للوسيط بين الفرع والمالك الجديد، ليستكمل عناصر الحزب فيما بعد عملية نقل ملكية السيارة في لبنان لصاحبها الجديد.
وتُعرف لوحات السيارات التي دخلت بالطرائق المذكورة باسم “لوحات بلا مرجعية”، وهي لوحات تتبع للأفرع الأمنية والإدارات العسكرية، علماً أنها مخولة بإصدار عدد غير محدود من هذه اللوحات.
ولم تنجح أي محاولات لوزارة الداخلية من أجل ضبط هذه الأمور، بسبب وجود المحسوبيات والرشاوي و”الواسطات”.
ويفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية على السلطة السورية وداعميها، كان آخرها قانون “قيصر” والذي أدى لتضيق الخناق على السلطة، حيث طال شخصيات وكنايات عدة على رأسها بشار الأسد وزوجته.
وسبق أن قال تقرير صحافي إن العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا تؤثر بشكل أساسي فقط على الفقراء ومتوسطي الدخل في البلاد في حين يتجنبها الأغنياء والنخب السورية بشكل كبير.
العقوبات الأميركية على سوريا تضر بالفقراء ولا تؤثر على النظام وميليشياته