القوات التركية تتجهز للانسحاب من نقطة المراقبة في مورك وتثير الجدل والتساؤلات
تحدثت وسائل إعلام عربية ومحلية خلال الأيام الفائتة عن بدء القوات التركية المتمركزة في أكبر نقطة عسكرية لها بريف حماة الشمالي على تفكيك معداتها وتجهيز أمتعتها تمهيدا للانسحاب من المنطقة.
وفي هذا الشأن قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن القوات التركية بدأت بتفكيك المعدات والتجهيز للمغادرة من نقطة مورك بريف حماة والتي تتواجد فيها منذ نحو عامين وأربعة أشهر، حيث تسيطر قوات السلطة السورية على المنطقة منذ أشهر.
بدورها ذكرت شبكة “المحرر” المقربة من فصيل “فيلق الشام” المدعوم من “تركيا”، نقلاً عن مصدر عسكري لم تذكر اسمه، قوله إن القوات التركية ستبدأ بسحب نقطة المراقبة المتمركزة في “مورك” غرب “حماة”، وأضاف المصدر أن القوات التركية بدأت بالفعل عمليات التحضير لسحب عناصرها من النقطة المعروفة باسم نقطة المراقبة التركية الـ9.
ووفق المصدر، فإن انسحاب القوات التركية سيتم عبر عدة مراحل خلال الأيام القادمة، وأضاف: «تركيا تعتبر بأنّ نقاطها المحاصرةَ من قبل جيش الأسد أصبحت في موقف غير ملائم وبعيداً عن الهدف الرئيسي لتواجدها وتمركزها».
من جانبها نقلت وكالة “سبوتنيك” عن مصادر أمنية لم تسمها قولها، إن القوات التركية اتخذت قرارا بسحب نقطتها المحاصرة من قبل قوات السلطة السورية في مورك باتجاه جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، مشيرة إلى أنه تم إخطار الجانب الروسي بذلك وتم التنسيق معه.
وأضافت أنه من المتوقع أن يتم سحب القوات من هذه النقطة خلال 24 ساعة قادمة ما لم يطرأ أي مستجد على الأرض.
وتأتي هذه الخطوة التركية رغم التصريحات السابقة لمسؤولين أتراك والرئيس، رجب طيب الأردوغان، بالتمسك في نقاط المراقبة التي نشرتها أنقرة في منطقة شمال غرب سوريا، وضرورة انسحاب النقاط التي تقدمت لها قوات السلطة السورية منذ نيسان العام 2019.
وكانت قوات السلطة السورية وبدعم روسي سيطرة على مدينة مورك في آب العام 2019 وأجبرت فصائل المعارضة المسلحة على الانسحاب منها، ما أسفر تلقائيا على محاصرة نقطة المراقبة التركية فيها، حيث تقع مورك على الطريق الدولي بين حماة وإحلب أو ما يعرف بـ”إم 4″ وإلى الشمال من مدينة حماة بنحو 30 كيلو متر.
وتمتلك تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية أساسية منتشرة في أرياف إدلب وحماة واللاذقية وريف حلب بموجب اتفاق أستانا مع روسيا، إلا أن العديد من النقاط أصبحت محاصرة من قبل قوات السلطة السورية بعد تقدمها بدعم روسي أواخر العام الماضي حتى فبراير/ شباط الماضي.
وفتح هذا الحديث عن الانسحاب المفاجئ المتوقع باب التساؤلات حول الأسباب والأهداف الكامنة وراء الخطوة التركية، وقال المحلل العسكري أحمد حمادي في حديث لموقع “أورينت”، أن النقاط التركية المحاصرة في مناطق سيطرة قوات السلطة فقدت وظيفتها التي دخلت بموجبها للمنطقة، وهي المراقبة ومنع الاحتكاك بين فصائل المعارضة وقوات السلطة.
واعتبر أن “إعادة انتشار النقاط التركية المنسحبة قد يعطي فوائد أكبر بتقوية النقاط الأخرى، أو إحداث نقاط جديدة كنقطة قوقفين وكنصفرة جنوب إدلب”.
ورأى أن النقاط المحاصرة من قبل قوات السلطة “يشكل ضغطا على الجيش التركي الذي يرفع الضغط عن نفسه بإعادة نشر نقاطه مجددا في أماكن أكثر فاعلية”، متوقعا أن يكون التموضع الجديد للنقاط التركية جاء بتوافق مع الجانب الروسي، بعد فشل اقتناع قوات روسيا بالانسحاب إلى خطوط سوتشي.
وتوقع ي تمسك تركيا بموقف الدفاع عن مناطق المعارضة في الشمال السوري، مستدلا بإرسال التعزيزات العسكرية للجيش التركي بشكل مستمر إلى إدلب وخاصة في الأيام الأخيرة، إلى جانب رفض أنقرة مطالب روسيا بتقليص قواتها في المنطقة.
كما استبعد المقدم الصالح قيام الروس بعمل عسكري قد يقلب الطاولة، لأن ذلك سيدفع بالفصائل لعمل معاكس مدعوم من أمريكا وتركيا في آن واحد، مشيراً إلى أن الجيش التركي سيحافظ على الوضع الحالي في إدلب، بحسب تعبيره.
ويرى ناشطون وسكان في إدلب أن النقاط التركية كانت مهمتها مراقبة “وقف إطلاق النار”، إلا أنها لم تفعل شيء سوى مراقبة تقدم قوات السلطة السورية وروسيا وسيطرتهما على كامل ريف حماة الشمالي خلال الأشهر الفائتة.
وتوجه اتهامات من قبل ناشطين ووسائل إعلام محلية للقوات التركية بعدم دفع ثمن استئجار الأرض التي أقيمت عليها النقطة التركية لصاحبها.
وبدأت القوات التركية في إنشاء نقاط المراقبة، أواخر العام 2017، حيث أنشأت 12 نقطة في منطقة “خفض التصعيد” التي تشمل (إدلب، وأجزاء مِن أرياف حلب وحماة واللاذقية) بهدف حماية وقف إطلاق النار المتفق عليها ضمن محادثات الجولة السادسة مِن “أستانا” (15 أيلول 2017)، إلّا أن النقاط تعرّضت – أكثر مِن مرة – لـ قصفٍ مِن قوات السلطة السورية، وخاصة النقطتين التاسعة (مورك) والعاشرة (شير مغار) في ريف حماة.
وفي ظل حملة عسكرية شنّتها قوات السلطة بدعم روسي، أواخر نيسان 2019، تقدمت فيها إلى مدينة خان شيخون جنوب إدلب ومدن وبلدات ريف حماة الشمالي، وتمكنت من محاصرة نقطة المراقبة التركية هناك “نقطة مورك”، كما تمكنت من محاصرة نقطة المراقبة في قرية الصرمان عقب سيطرتها، نهاية العام، على أكثر مِن 40 بلدة وقرية جنوب شرق إدلب بينها جرجناز، قبل أن تتقدم مؤخّراً في مدينة معرة النعمان وتحاصر نقطة مراقبة جديدة أنشئت في بلدة معرحطاط جنوبي المعرّة.
ونتيجة للحملة العسكرية في ريفي حلب وإدلب، أنشأت القوات التركية نقاطاً جديدة تنتشر أربع منها حول مدينة سراقب، و13 موزّعة في مدن وبلدات (بنش وقميناس، وترمانين، وسرمين، ومطار تفتناز ومعارة النعسان، والمسطومة، البردقلي، نحليا) في ريف إدلب، و(دارة عزة، وكفركرمين، والتوامة، وصوامع خان طومان، ونقطة بين قريتي الجينة وأبين) في ريف حلب.
وخلال تقدّم قوات السلطة المستمر وسط غطاء جوي روسي مكّثف تمكّنت مِن حصار 12 نقطة مراقبة تركية – مِن النقاط القديمة والحديثة ، وأبرزها نقاط “مورك شمال حماة، معرحطاط والصرمان جنوب إدلب، تل الطوقان وأربع نقاط في محيط سراقب شرق إدلب، عندان وتل العيس والراشدين والشيخ عقيل شمال وغرب حلب”.