أخبار

الموازنة العامة لعام 2021 تزيد الخناق على الأهالي في سوريا

أصدر رأس السلطة في سوريا، بشار الأسد، أواخر كانون الأول، مرسوما اعتمد فيه الموازنة العامة للبلاد، والتي أقرها مجلس الشعب سابقا.

وحدد مجلس الشعب الموازنة العامة للدولة في السنة المالية بمبلغ 8500 مليار ليرة سورية، وذلك بارتفاع بنحو الضعف عن موازنة السنة السابقة والبالغة 4 آلاف مليار ليرة سورية، ووفق سعر صرف الدولار، بلغت الموازنة المالية للعام المقبل 6.8 مليار دولار، بينما بلغت موازنة عام 2019، 9.2 مليار دولار.

ويرى مراقبون أن مشروع الموازنة غير مبشرة خاصة في ظل الظروف التي تمر بها سوريا، والأمر سيفرض المزيد من التقشف على الأهالي.

وفي هذا الشأن قال الباحث في الاقتصاد السياسي يحيى السيد عمر، في حديث إلى “عنب بلدي”، إن موازنة 2021 ستفرض على السوريين في مناطق سيطرة السلطة تقشفا إضافيا، وبحساب رياضي ومنطقي يمكن القول، “إن العبء المعيشي على السوريين سيزداد بنسبة لا تقل عن 65%، وذلك في حال ثبات سعر صرف الليرة وعدم تدهوره من جديد”، وفق المقارنة بين موازنة 2020 و2021، بالنسبة لقيمتهما بالدولار.

وتوقع أن تزداد الأزمة الاقتصادية للسوريين، لا سيما من ناحية صعوبة تأمين المستلزمات الرئيسة كالخبز والمحروقات والكهرباء وغيرها.

 

شاهد: ميزانية الأسد لعام 2021 الأكثر بالليرة والأقل بالدولار

 

وحددت الاعتمادات المرصودة للرواتب والأجور والتعويضات في موازنة 2021 بـ1018 مليار ليرة سورية، واعتمادات الدعم الاجتماعي بـ3500 مليار ليرة، والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية بـ50 مليار ليرة، بينما قدّرت الاعتمادات لصندوق دعم الإنتاج الزراعي بـ50مليار ليرة، والدقيق التمويني بـ700 مليار ليرة، والمشتقات النفطية بـ2700 مليار ليرة، والطاقة الكهربائية بـ1800 مليار ليرة.

وعلى الرغم من ضخامة هذه الأرقام فإن قيمتها منخفضة بالدولار، والمخصصات المالية السابقة لا تعكس الحاجة الفعلية للسوق، إذ تبلغ فاتورة حكومة السلطة لناحية استيراد القمح 400 مليون دولار سنويا، ما يعادل 1200 مليار ليرة، بينما الرقم المخصص في الموازنة يبلغ 700 مليار، وهذا ما يعني عجزًا في مخصصات الخبز بـ500 مليار ليرة، وبالتالي انخفاض في كمية الخبز وازدياد في عدد الطوابير، حسب الباحث.

وتصرف الموازنة في إطارين أساسيين، هما النفقات الجارية والنفقات الاستثمارية، والأولى تشمل التمويل المستمر لوزارات الدولة وقطاعاتها، كالرواتب والمعاشات التقاعدية والمصروفات الخاصة بكل وزارة والنفقات الإدارية والأجور، ونفقات تحويلية كصيانة ممتلكات الدولة، أما النفقات الاستثمارية، فتشمل الخطط الاستثمارية لكل وزارة لتوسيع عملها، كإنشاء بنية تحتية ومرافق حيوية.

وتركز الموازنة السورية على جانب الإنفاق الجاري، بينما شهدت تراجعا واضحا في الإنفاق الاستثماري، فحصة الإنفاق الاستثماري لم تتجاوز 18%، مقابل 82% على الإنفاق الجاري، و”هذا ما يعكس عجز حكومة النظام عن تلبية الاحتياجات الرئيسة للسوريين في مناطق سيطرتها”، حسب السيد عمر.

 

شاهد: سوريا تقر موازنة 2020 بقيمة 9.2 مليار دولار.. فهل هناك مؤشرات إيجابية؟

الانكماش عنوان موازنة 2021

“الانكماش هو العنوان العريض لموازنة النظام الحالية”، فعلى الرغم من ضخامتها بالليرة فهي موازنة انكماشية (أي أن قيمتها بالدولار منخفضة)، بحسب الباحث يحيى السيد عمر، مبينًا سبب الانكماش بتراجع إيرادات الحكومة، إذ شهدت أغلبية القطاعات تراجعًا واضحًا.

وأبرزها قطاع النفط، إذ بلغ إنتاج النفط في سوريا 406 آلاف برميل يوميًا في 2008، وانخفض الإنتاج في 2018 إلى 24 ألف برميل يوميًا، حسب بيانات موقع “بريتش بتروليوم”.

وبحسب دراسة أعدها مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية“، بلغ الانخفاض في مؤشر الصناعة بين 2010 و2016 من 89 إلى سبعة في قطاعات الصناعات الاستخراجية، والصناعات التحويلية.

وتراجعت قدرة سوريا على إنتاج غذائها بشكل كبير وعلى رأسها المحصول الاستراتيجي، القمح، العنصر الأساسي في صناعة الخبز، وذلك على الرغم من الأمطار الجيدة في موسم 2019، وزراعة 1.26 مليون هكتار، وهي قرابة ثلاثة أرباع المساحات المزروعة في 2010، إذ بلغ الإنتاج 2170 مليون طن من القمح، وهو يمثل نصف إنتاج 2011، ووصل الإنتاج إلى القاع في 2018 بنحو 1199 مليون طن من 642 ألف هكتار تم حصدها فقط، وهو أدنى إنتاج منذ 29 عامًا، حسب الدراسة.

كما تراجعت الإيرادات السورية في مجال الصادرات، إذ تراجع إجمالي الصادرات من 8.7 مليار دولار عام 2011 إلى أقل من 700 مليون دولار، كما تراجع إسهام الزراعة في الإيرادات الحكومية من 20% إلى 5%، وتراجع الإنتاج الحيواني 35% والدواجن 40%، وتراجعت الإيرادات الضريبية من 9.6% إلى 3%، والسياحة من 8.21 مليار دولار إلى 14 مليون دولار.

 

شاهد: اقتصاد سوريا في 2020.. أزمات معيشية وعملة منهارة 

 

وبحسب السيد عمر، فإن تراجع الإيرادات الحكومية انعكس بشكل مباشر على الموازنة، التي بدورها ستنعكس على الأفراد، فالإنفاق الحكومي لدى حكومة النظام يسجل تراجعًا حادًا، الأمر الذي يعني مزيدًا من التقشف على السوريين، لا سيما أنه في المدى المنظور من غير المتوقع ظهور أي تحسن في الإيرادات.

كما أن التضخم الحاد الذي يعاني منه اقتصاد النظام انعكس بشكل مباشر على الموازنة، التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بقيمتها بالليرة السورية وتدنيًا ملحوظًا أيضًا في قيمتها بالدولار، وهذا يدل على أن ارتفاع مستوى التضخم سيبقى سيد المشهد الاقتصادي، وبالتالي ستستمر قيمة الرواتب والأجور بالتدني، ما ينعكس سلبًا على معيشة السوريين، حسب السيد عمر.

ومن المتوقع أن تزداد وتيرة ارتفاع الأسعار في ظل الموازنة الجديدة، كونها انكماشية وتقل قيمتها بالدولار عن الاستحقاقات المالية اللازمة لتأمين المواد الأساسية.

الموازنة الحالية وعلى الرغم من انخفاض قيمتها بالدولار، فهي مرشحة لانخفاض جديد، وذلك انطلاقًا من عدم ثبات قيمة الليرة السورية، فمن المتوقع أن تشهد الليرة تدهورًا جديدًا في ظل العقوبات الجديدة، ما يعني انخفاضًا إضافيًا في القيمة الفعلية بالدولار، وبالتالي تراجع مستوى معيشة السوريين، حسب السيد عمر.

 

شاهد: زيادة غير مسبوقة في موازنة 2021… هل سيتحسن الواقع المعيشي؟

 

الإنفاق يتراجع رغم انخفاض عدد المواطنين

يلاحظ تراجع الإنفاق على الأفراد بنسبة 70% بمقارنة موازنة 2021 بموازنة 2011، إلا أن مقدار التراجع يفوق هذه النسبة، حسب الباحث يحيى السيد عمر، وذلك لأن حكومة السلطة لم تعد تنفق إلا على الأفراد المقيمين في مناطق سيطرتها، وهذا ما يعني أن نسبة التراجع في الإنفاق على الأفراد تقترب من 85%.

ويجب أن يكون إنفاق الحكومة على المواطنين في مناطق سيطرتها ثلاثة أضعاف ما أنفقته في 2010، علمًا أن نصف عدد سكان سوريا لا يقيمون في مناطق سيطرتها، إذ يعيش نحو 11.7 مليون شخص في مناطق سيطرة السلطة في العام الحالي، مقارنة بـ21.4 مليون في 2010، حسب دراسة أعدها “المعهد الأطلسي“.

كما تشير الدراسة إلى أن سوريا ستشغل نفسها بضمان الحد الأدنى من مستويات المعيشة لسكانها في ظل الأزمة الاقتصادية التي تحيط بالبلاد، وسيتعيّن على الحكومة أن تبذل جهودًا كبيرة لتغطية الاحتياجات الأساسية للسكان في مناطق سيطرتها.ويخدم الإنفاق الحالي بشكل رئيس برامج الدعم الاجتماعي، كدعم الوقود والغذاء وأجور موظفي القطاع العام، الذين يشكلون حوالي ثلث القوة العاملة (1.6 مليون شخص).

 

شاهد: تكلفة الحرب الاقتصادية بسوريا

 

يذكر أن سوريا تصدرت قائمة الدول الأكثر فقراً بالعالم، بنسبة بلغت 82.5 بالمئة، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي.

وبحسب تقديرات برنامج الأغذية العالمي وقطاع الأمن الغذائي فإن نحو 7.9 ملايين سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي قرابة 39 % من إجمالي السكان، وتشير التقديرات أن 500 ألف يعانون من انعدام شديد من الأمن الغذائي.

ومع الزيادات الهائلة في أسعار المواد الغذائية منذ أواخر 2019، توقعت بيانات قطاع الأمن الغذائي في نيسان من العام 2020، أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا ارتفع بمقدار 1.4 مليون، ليصبح المجموع الجديد 9.3 ملايين شخص.

كما حذرت الأمم المتحدة من زيادة عدد الجياع في العالم خلال العام القادم، بسبب تأثيرات فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) في بعض الدول، على رأسها سوريا.

 

سوريا على رأس القائمة.. الأمم المتحدة تحذر من زيادة عدد الجياع في العالم

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *