“شو هالذل”..مشهد جديد على أبواب المصارف يغضب اللبنانيين
في الوقت الذي تستعد فيه حكومة لبنان الوليدة للكشف عن خطة عمل (البيان الوزاري الذي ستمنح على أساسه الثقة الثلاثاء في مجلس النواب) أشبه بخريطة إنقاذ مالي تتضمن خفض أسعار الفائدة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي واتخاذ “خطوات مؤلمة” مع الحرص على عدم المساس بذوي الدخل المنخفض، تتكرر على أبواب المصارف مشاهد “الذل” اليومي الذي يعانيه اللبنانيون من أجل سحب “أموالهم” التي أودعوها أمانة في عهدة المصارف.
وفي آخر مشاهد الذل هذه كما وصفها ناشطون على مواقع التواصل، انتشر فيديو يظهر عددا من الزبائن مصطفين أمام أحد “شباكات” المصارف، من أجل أخذ ورقة بدورهم/، وانتظار ما سيحسن به عليهم المصرف من أموالهم الخاصة.
SGBL فرن الشباك الذل بحد ذاتو.. عم نشحد منكن نحنا…
#لبنان__ينتفض #يسقط_حاكم_المصرف
خليك اوعا تتحرك ضحكتو بتكفينا
يأتي هذا في وقت يتصاعد فيه غضب الشارع من تلك الممارسات المصرفية، التي قيدت قدرة المودعين على السحب الدولار.
تخفيض جديد
فقد خفّضت مصارف لبنانية عدّة سقف السحوبات بالدولار بنسبة خمسين في المئة بدءاً من مطلع الشهر الحالي، في إجراء جديد على خلفية شح الدولار وأزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود.
وشدّدت المصارف منذ نهاية الصيف القيود التي تفرضها على عمليات السحب، خصوصاً بالدولار، والتحويلات إلى الخارج، ما فاقم غضب المودعين الذين باتوا ينتظرون ساعات من أجل سحب مبلغ محدود، في وقت بالكاد يلامس سقف السحب الشهري الألف دولار.
وأكدت ثلاثة مصارف على الأقل، تعدّ من الأبرز في لبنان، رداً على أسئلة وكالة فرانس برس الاثنين الماضي أنها خفّضت سقف السحوبات الشهري منذ مطلع الشهر بنسبة خمسين في المئة.
وبات السقف المسموح به في عدد من المصارف لا يتخطى 600 دولار من الودائع التي تقلّ عن 100 ألف دولار، أما من تتخطى قيمة حسابه المليون دولار فيمكنه سحب مبلغ يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف دولار شهرياً بحسب المصرف.
إلى ذلك، نشر مودعون على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي صور الرسائل التي تلقوها من مصارفهم، معربين عن امتعاضهم منها، في وقت تغرق البلاد في أزمة اقتصادية تعدّ الأسوأ في تاريخ البلاد خسر معها عشرات الآلاف من اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم.
يذكر أن لبنان يشهد منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة. وأدت التظاهرات إلى استقالة الحكومة السابقة، وتشكيل حكومة جديدة الشهر الماضي برئاسة حسان دياب، تراجعت على إثرها وتيرة التظاهر.
شاهد بالفيديو :مظاهرات لبنان: أسباب الانتفاضة والحلول المطروحة
اقتطاع بحكم الأمر الواقع
وفي هذا السياق، يرى متظاهرون ومحللون في الإجراءات عملية “اقتطاع” من الودائع بحكم الأمر الواقع، كونها ترغم المودعين على التعامل بالليرة، التي لا يزال سعر صرفها الرسمي مقابل الدولار مثبتاً على 1507، بينما تخطى في السوق الموازية عتبة الألفين.
في المقابل، ينفي المصرف المركزي والمصارف أي توجه في هذا الإطار، ويطمئن أن الودائع بخير، إلا أنّ الممارسات تظهر العكس وتثير غضب الشارع.
وقد طالب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الشهر الماضي في رسالة وجّهها إلى وزارة المالية منحه صلاحيات “استثنائية” لتنظيم الإجراءات المصرفية ومنحها الغطاء القانوني.
ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متسارعاً وسط شح في السيولة ومخاوف من عدم تمكنه قريباً من سداد جزء من الدين العام المتراكم، مع تراجع الثقة أكثر وأكثر في قطاعه المصرفي، الذي كان يُعد يوماً العمود الفقري للاقتصاد المحلي ودعامة للنظام المالي، الذي يقترب من الإفلاس.