أخبار

إبتزاز النساء السوريات في لبنان … وزواج دون قيود

لم تجد “غادة ع ج” اللاجئة الأرملة في إحدى مخيمات البقاع غير الرضوخ إلى إلحاح أحد الرجال اللبنانيين الذي تودد إليها طويلاً كي تقبل به زوجاً لها، ومعيلاً لولديها الصغيرين، واعداً إياها بتثبيت الزواج وإعلانه أمام الناس، والعيش بكرامة وبحبوحة بعيداً عن هذه الحياة البائسة تحت خيمة لا ترد الشتاء، ولا تبعث على الأمان.

كانت تحلم بالماء النظيف، ومطبخ يتسع لأبسط أحلامها، وظل رجل يحمي شبابها الذي انتهى عندما مات زوجها في الحرب بلا أي ذنب سوى أنه تواجد في المكان الخطأ، والزمان الغادر، فتحول إلى آلاف القطع، وسلم نعشه فارغاً بعد أن وضعت عليه ورقة صغيرة تخبر الجميع أنه شهيداً مدنياً فقط، وهو شرف لعائلته التي لم تشيع بعدها لقمة الخبز، وتركت لمصير مجهول وسط القصف والموت، فقررت غادة الهروب مع من هربوا، وكأن أمامها خيارات أخرى؟؟.

كان منزلها المستأجر قصراً فارهاً لا تريد أن تفقده مقارنة مع خيمة لا يفصلها عن جيرانها سوى سم واحد، وكان هذا المحسن الذي دخل أسوار المخيم بوجهه الإنساني المفعم بالإحسان والخير؛ محط أنظار النساء اللواتي بقين بلا زوج زمناً طويلاً، فغير هم الأطفال وتربيتهم وانتظار المعونات المقدمة من المفوضية “السامية”، كانت ليالي الحرمان طويلة، والوحدة القاتلة تؤرق جميع النساء الأرامل، فجاء طلب الرجل للزواج من غادة حبل إنقاذ على الرغم من تمنعها الشديد في البداية، لخوفها من القادم، وعدم معرفتها مصير زواجها السري.

جلب الزوج شيخاً وشهوداً، واحتفظ بالورقة معه، على وعد أن يعلن الزواج، وأخذت غادة حقيبة ثيابها، وما تحتزنه من ذكريات، وحملت طفليها مودعة تلك البقة التي يقطنها الريح والليل. وبعد أشهر من الراحة النفسية، والطعام النظيف، والأحلام التي كانت تكبر، كان حملها بولد جديد كارثة لم تستطع أن تكبح جماحها بعد أن طلب منها الزوج التخلص منه، لكنها أقنعته بعد جهد أنه ثمرة بهما، لكن بعد الولادة باتت هذه الثمرة حراماً شرعاً عقب اختفاء الزوج الذي لم يرغب بتربية ولده والاعتراف به، فكان الولد وأمه ضحية سورية جديدة، انتهت بعودة العائلة (السعيدة) إلى تلك الأسوار، والرضوخ للجوع والخوف، وبات هذا الطفل الرضيع بلا نسب ولا جنسية؟.

وقصة غادة تنطبق على حالة أكثر من ثلاثة آلاف امرأة سورية وجدن أنفسهن ضحية لمتعة رجال، وعقود غير شرعية تنصل منها أصحابها، مخلفين ورائهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل بلا جنسية أو هوية.

والشيء الآخر الذي لا يقل ظلماً عن الحالة الأولى، وضع المراهقين السوريين الذين وجدوا أنفسهم مع رجال أغراب يمرون كل فترة ليباتوا ليتهم مع أمهاتهم بحجة أنهم أزواج، وهو ما دفع العديد منهم لترك المنزل، والهروب من جحيم فقدان الأب، وضياع الأم دون أن يستطيعوا فعل شيء؟.

تقول الناشطة السورية “صباح حلاق” لموقع “أنا إنسان” أنه أثناء بحثنا في المخيمات التي تضم آلاف الأسر السورية اللاجئة إلى لبنان، تم الحديث عن حالات اضطرار بعض النساء الأرامل للزواج بطريقة غير رسمية من رجال لبنانيين سداً للحاجة الاقتصادية وهو ما ترك أثره على الأولاد وبخاصة المراهقين. وكذلك تم رصد عدد من حالات عدم تسجيل الأولاد بعد الولادة، وذلك لأسباب مالية أو أمنية.

مقابل ذلك، دأبت الأسر السورية اللاجئة في المخيمات على إنجاب الأطفال، رغم الوضع الاقتصادي السيء طمعاً بالمعونة التي تقدم للولادات الجديدة، وهو ما يجعل هذه العائلات تقع بالمحظور بعد فترة، فقد لاحظ الناشطون وجود أعداد كبيرة من النساء الحوامل، وهو ما جعل هؤلاء يقعون بالدهشة، لكن تفكير السوريين في يومهم الآني يبرر لهم كل ما يقومون به، على أمل أن تنتهي مأساتهم الكبرى.

يذكر أن مجلس الشعب السوري قد أقر قانون مجهولي النسب الذي يمنح من خلاله الأطفال المولودين من نساء سوريات الجنسية السورية، لكن الأطفال في اللجوء اللبناني آباؤهم معروفين، فما هو العمل؟.

سامر النجم أبو شبلي

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *