تقرير يودي بعقل طالب جامعي وحيداً لأبويه ..
سامر النجم أبو شبلي
فقد الطالب “وسيم” 20 عاماً عقله الجميل؛ بعد اعتقاله من قبل فرع الخطيب، على إثر تقرير كتبه وألفه وأخرجه أحد المخبرين الصغار في احدى قرى المقرن الشمالي الشرقي لمحافظة السويداء، يتهم فيه الأخير بتعامله مع داعش، وتهريب قطع الفروج الوطني إليهم مقابل الحصول على مازوت غير وطني!.
بدأت الحكاية المأساة عندما قرر الشاب الصغير مع والدته زيارة والده الغائب منذ فترة طويلة في لبنان، فلا يوجد أي مانع أمني أو عسكري يحول دون ذلك، خاصة أن وسيم وحيد والديه ويسدد كل الفروض الوطنية من ضرائب وينتمي بحكم الواقع لمنظمة طلائع البعث واتحاد الشبيبة وحتى يمكن أن تجد له قيوداً في الاتحاد النسائي المنحل. حزم أمتعته وبعض الهدايا، واتجه بكل شوق نحو المصنع متجاوزاً كل الحواجز الرسمية والشعبية والجيوبلطجية، حتى وصل إلى حاجز أمني تابع لفرع الخطيب، حيث تم استقباله بالأحضان باعتباره صيداً ثميناً يعرف أسرار الأزمة السورية، وخراب البصرة. كانت الصدمة شديدة على والدته التي تعتبره هدية السماء، وترى جمال الكون في عينيه، حيث غابت عن الوعي دون أن تعي ما حلّ بولدها الذي تم ترحيله إلى أحد سجون الفرع للتحقيق معه فيما ارتكبت يداه من معاصي تجاه الوطن والمواطنين.
يقول أحد الناشطين في قرية “البثينة” التي ينحدر منها الشاب العشريني: بقي وسيم أربعة أشهر في السجن قبل أن تتوصل عائلته إلى أحد الأشخاص النافذين في الدولة لتحريره من الموت.
ويضيف أن هذا الشاب ولد من قلب الفقر لدرجة أنه أمضى طفولته الكئيبة بالعمل بسبب غياب والده الدائم، وعدم قدرته على تأمين متطلبات المنزل. وبعد أن دخل الجامعة قرر أن يفتح محلاً لقطع الفروج بإحدى غرف المنزل في القرية كي يستطيع تأمين مصروف الجامعة؛ دون أن يترك أي عمل يمكن أن يدر عليه المال مثل أعمال الحصاد والعتالة.. اشترى براداً خاصاً، وبدأ بالبيع أثناء انتشار داعش في الجوار، وبعد نقلهم من مخيم اليرموك إلى بادية السويداء. كانت عمليات التهريب تتم على قدم وساق، لكن ذلك كان بعيداً عن الريف الشمالي الشرقي، غير أن المخبر الأمين كان مقصراً بتقاريره الوطنية، فكتب لأسياده عريضة يتهم فيها الشاب ببيع قطع الفروج إلى عناصر من داعش متواجدين في تل الأصفر القريب مقابل مازوت التدفئة.
بدأت الوساطات من قبل النافذين في القرية مع معارفهم، ووصلت التبرعات حتى 400ألف ليرة حتى يتم معرفة مصير الشاب، ومكان احتجازه، وما إذا كان على قيد الحياة، وشاءت الصدف أن يتوصل أحد الواصلين إلى شخصية أمنية نافذة ويتم تحويله إلى القضاء دون دفع أي مبلغ.
وأمام القضاء كان وسيم هيكلاً عظمياً متحركاً تعلو شفتاه ابتسامة صفراء خارجة من روحه الطامحة للحرية، حيث نظر القاضي إليه بشفقة وهو الذي يشهد كل لحظة على أنواع الظلم، فقام بتبرئته على الفور.
فقد وسيم نصف عقله؛ وأكد كل الذين زاروه مهنئين أنه فقد القدرة على الحياة، وتحول حديثه إلى تأتأة، يصاحبها حالة دائمة من الشرود وعدم القدرة على التركيز والفهم والاستيعاب، ولا سبيل للتواصل مع الآخرين. وتقول والدته أنه يمضي الليل بطوله خائفاً من العتمة، ويستنفر لأي صوت أو صرير مهما كان مصدره.
انتهت حياة وسيم الدراسية، وانتهت معها أحلامه بالعلم والحرية، فهو الذي جلبه لنفسه بسبب ما اقترفت يداه من آثام ضد الوطن الذي يناضل على كل الجبهات من أجل الانتصار على الإرهاب الذي أسس له واخترعه باع الفروج، ابن العشرين عاماً؟!.