جيش الجنوب لقتال إيران أو توريط ما تبقى من فصائل الثورة؟
كثر الحديث مؤخراً عن إحدى محاولات تشكيل تكتل عسكري في جنوب سوريا أطلق عليه اسم «جي ش الجنوب» ليمتد من الحدود السورية الأردنية إلى الحدود السورية مع الجولان المحتل في آخر نقطة لها في بلدة جباتا الخشب بمحافظة القنيطرة.
باسل غزاوي أحد صحفيي درعا وناشطيها يقول لموقع أنا إنسان : إن تسمية “جيش الجنوب” تعود لتشكيل قديم كان سيتم العمل عليه أثناء الحملة العسكرية على الجنوب بعد السيطرة على الريف الشرقي من محافظة درعا بشكل كامل ودرعا البلد، وقد تم الإعلان بتاريخ 16-07-2018 ، لكن لم يرَ هذا التشكيل النور».
ويضيف الغزاوي: “بعد إعلان التشكيل بأيام دخلت روسيا وفرضت سيطرة كاملة على الجنوب من جباتا الخشب حتى بصرى الشام ، وكان من ضمن البنود التي فرضتها روسيا هو الخروج من القرى وإلغاء المظاهر المسلحة، وإعادة تموضع السلاح الثقيل الذي يملكه الجيش الحر حسب اتفاق 1974 ومن ثم إعادة تمركز قوات ال UN الدولية في أماكن تموضعها المتفق عليها حسب الاتفاقات الدولية مع ضمان حمايتها من جيش الجنوب وإعادة مؤسسات النظام إلى مراكزها الحكومية”.
ويرى الغزاوي – بحسب معلومات حصل عليها من أحد قادة الجيش الحر سابقاً – أن الحديث المتداول عن إرادة الأردن تشكيل قوة عسكرية لإيقاف التمدد الشيعي في جنوب سوريا مشروع مختلف عن ما يعرف بجيش الجنوب السابق، لاسيما أنه حدثت العديد من الاجتماعات في عمّان بتنسيق (روسي – أردني) مع عدد من قادة فصائل الجبهة الجنوبية سابقاً؛ بغرض عودتهم للداخل والعمل على إيقاف الانتشار الشيعي في المنطقة، لكن لم تصل هذه الاجتماعات لنتيجة بسبب رفض الروس لبعض البنود أهمها رفضها لبند عدم ترشح بشار الأسد لدورة رئاسية جديدة، و كان من أهم نقاط الاختلاف أيضاً عدم التزام روسيا مع قادة سابقين وعدم اعترافها بأي جسم عسكري غير منخرط تحت راية أحمد العودة (قائد قوات شباب السنة سابقاً والفيلق الخامس لاحقاً) وكل شخص لم يوافق الانتساب لصفوف العودة الخيار أمامه، إما الالتحاق في صفوف الأمن العسكري أو الفرقة الرابعة كما حدث مع قادة سابقين رجعوا من الأردن والبند الأهم هو عدم الوقوف على مصير معلوم بشأن المعتقلين والموافقة على إخراجهم بشكل عاجل كمبادرة تظهر حسنَ نية الجانب الروسي.
وفي سياق متصل أكّد الشيخ فيصل أبازيد (أحد أعضاء خلية الأزمة بمدينة درعا) في خطبة له في أحد مساجد مدينة درعا على تشكيل روسيا وبعض الدول الإقليمية لجيش الجنوب لمحاربة إيران وأذرعها بعد اللقاء الذي جمعها بقادة سابقين في الجيش الحر منذ أشهر قليلة في الأردن.
ورفض أبازيد الانخراط في هذا المشروع رفضاً خاصاً بالمدينة (البلد وطريق السد والمخيمات) لغاية الآن حسب قوله معلّلاً ذلك بأنهم لجنة خاصة مدينة درعا، ولا علم له بموقف بقية المناطق لا سيّما أن حوران كلها الآن تقع تحت سيطرة النظام، والمدينة ومنطقة طفس وبصرى فقط عندها هامش جيد من استقلال القرار.
وعن سبب الرفض ودوافعه أردف بقوله: «إصرارنا على الرفض كان بسبب كفرنا المطلق بمشاريع الدول التي تاجرت بدمائنا طوال السنوات الماضية؛ لذا فإن هذا الأمر مرفوض ولا علاقة له بالشرع وموقفه من التشكيل والقتال لأننا لم نعد نثق بأي من الدول التي لعبت بالثورة حتى أفسدتها؛ فرأينا أننا لن نكون جزءاً من أي لعبة دولية بعد الآن خاصة مع كثرة المشاريع المطروحة» .
أبو أحمد (اسم مستعار لأحد القادة السابقين الذين حضروا اجتماعات الأردن) صرّح لموقع أنا إنسان : «قامت روسيا – برعاية وضمانة الأردن – بتقديم عروض لقادة الفصائل يتضمن المال ومعدات عسكرية ولوجيستية بشرط قتال إيران فقط في الجنوب، وبتخطيط وتنسيق روسي غير معلن لتشكيل كيان سني مسلح – بحد وصفه – وتكون مرتباته من كتائب وفصائل الجيش الحر التي رضخت لعمليات التسوية في نهاية 2018 سابقاً في الجنوب السوري ، وكل ذلك بشرط قدّمته الأردن على شكل مقترح بأن يترأس التشكيل أبو سيدرا (قائد فوج المدفعية والصواريخ في المنطقة سابقاً وهو اسم متعارف عليه بهذا اللقب) ويشاركه دفةَ الرئاسة براء النابلسي (قائد جيش المعتز بالله سابقاً) وأبو إياد القايد (قائد جيش الثورة).
ويتابع أبو أحمد بكشفه لبعض التفاصيل المتاحة: “هذا المشروع قد تم طرحه مؤخراً وكثر الحديث عن إقراره مع العلم أنه لم يتم ولم يكلل بالنجاح حتى الآن وهو من ضمن مشاريع كثيرة تم طرحها، ولكن الدول ليست جمعيات خيرية؛ فكل دولة تطرح المشاريع التي توافق مصالحها فقط دون النظر لأي مصلحة للشعب السوري باستثناء حاجة الكتائب السابقة لمقومات الحياة الآمنة بسبب مضايقات النظام وعدم توفر فرص العمل، ومن الجهات التي طرحت مشاريع لتنفيذها المحور القطري التركي والمحور السعودي الإماراتي والروسي الأردني” ، هذا وقد امتنع أبو أحمد عن الإفصاح عن تفاصيلَ أكثر حول هذا الموضوع موضحاً ذلك بقوله: « لا تفاصيل أخرى أود ذكرها سوى محاولة جميع المستفيدين لإيجاد من ينفذ أجنداتهم على الأرض من أجل تصفية حسابات وكسر عظام الدول المذكورة».
وكان الشيخ فيصل قد أنهى خطبته بتشكيكه بنزاهة هذه المشاريع إذ يعتبر أن الدول يمكنها طرد إيران إذا قررت ذلك فعلا باتصال هاتفي واحد، ولا تحتاج بضعة آلاف من الرجال لطردها، ونشوب حرب ربما تكون طويلة الأمد وإن هذه المشاريع كلها ليست إلا فخاخ من أجل القضاء على ما تبقى من الثورة في الجنوب .
الجدير بالذكر أن إيران وحزب الله قد أعادا انتشارهما بعد إتمام عمليات التسوية في الجنوب، مما قد يشكل فعلياً تهديد للدول المجاورة ولحدود الاحتلال المرسومة، وهذا ما أكده موقع (ديبكا) الاستخباراتي بتقرير تم نشره سابقاً يذكر تخوّف إسرائيل من سماح القوات الروسية بإعادة انتشار الحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله في مواقع قريبة من حدودها، وفي السياق ذاته حصل موقع أنا إنسان على معلومات من مصدر خاص تفيد بمحاولة قيادة الفيلق الخامس بقيادة أحمد العودة عن تشكيل كتائب كانت تتبع للجيش الحر سابقاً، ومن المتخلفين عن خدمة العلم في محافظة القنيطرة على طول الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، هذه التشكيلات – كما قيل عند الاقتراح على بعض الشخصيات- مهمتها إنشاء نقاط مراقبة أو مخافر حدودية لمنع إيران من دخول المنطقة منزوعة السلاح في المحافظة.