أخبار

عيادات طب الأعشاب بدلاً من المشافي في مدينة إدلب

نهى الحسن

مع تدهور القطاع الصحي جرّاء الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من سبع سنوات لجأ الكثير من أهالي إدلب إلى التداوي بالأعشاب أو ما يعرف بالطب العربي، حيث انتعشت مراكز العلاج بهذا الطب وازدهرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير مع استمرار استهداف المشافي والنقاط الطبية من قبل طيران النظام، إضافة إلى فقد الكثير من الأدوية نتيجة تقلص أعداد المعامل وتضرر الكثير منها لاسيما تلك التي تقع في مدينة حلب، والتي كانت تعتبر من أهم المدن السورية المنتجة للدواء، فضلاً عن هجرة أطباء سوريا بحثاً عن ظروف ملائمة للعمل وهرباً من مشاهد الدم اليومية، تاركين وراءهم شعباً يئنّ فيستغيث فيحتضر، أو يهرع إلى عيادات طب الأعشاب أملاً في الشفاء.

من الاعشاب المستخدمة في ادلب في عيادات طب الاعشاب 

 

ويعتمد طب الأعشاب على استعمال أعشاب موجودة في الطبيعة، والاستفادة من تأثيراتها الطبية في علاج الأمراض، و(العطار)هي التسمية التي يطلقها الأهالي على من يعمل في طب الأعشاب.

 

 

 

 

 

أم عمر (٥٥عاماً) إحدى المريضات من ريف إدلب تصف معاناتها قائلة : “أعاني من مرض السكر إضافة لارتفاع ضغط الدم، ويتوجب عليّ شراء الأدوية بشكل مستمر، إلا أنني في أغلب الأوقات لا أملك ثمنها لغلائها الباهظ ، لذلك ألجأ إلى المعالجة بالنباتات والأعشاب المختلفة كونها أرخص ثمناً لعلها تنفعني.”

أم عمر واحدة من عشرات المرضى في ريف إدلب الذين لجأوا للتداوي بالأعشاب في ظل تردي الأوضاع الصحية الناتجة عن غلاء ونقص الدواء.

صهيب الأحمد (40عاماً)من كفرنبل لديه سبعة أبناء يعبر عن مأساته مع ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات، والذي لا يتناسب مع دخله المحدود حيث يقول: “ألجأ إلى طب الأعشاب لمعالجة أبنائي وخاصة في فصل الشتاء من نزلات البرد والإنفلونزا والسعال والإلتهابات المختلفة وغيرها من الأمراض، لأن الأدوية المتوفرة في الصيدليات مستوردة وباهظة الثمن ونحن بالكاد نستطيع شراء الأدوية المحلية.”

أما محمد الحسن(٤٥ عاماً) من معرة النعمان والذي لا يملك القدرة على السفر إلى الخارج اختار استكمال علاجه بالتداوي بالحجامة والأعشاب في أحد مراكز الطب البديل بعد إصابته بجلطة أفقدته القدرة على النطق بشكل جيد.

حسين العمر (٣٠عاماً)أحد المرضى صرّح لموقعنا أنه كان يعاني من ألم حاد في معدته، فأتى إلى عيادة الطب العربي كون معظم المشافي والنقاط الطبية مغلقة بسبب القصف وهناك وصف له طبيب الأعشاب عشبة البابونج ليشرب ماءها بعد غليها، كون البابونج له خصائص مضادة للإلتهابات وللتقلصات مما يساعد على تهدئة المعدة ويخفف من حموضتها بحسب ما بين له الطبيب.

الشاب مصطفى الحمدو وزوجته قررا تجربة الأعشاب أيضاً بعدما يئسا من الإنجاب، يقول الحمدو: “زرت أنا وزوجتي طبيب الأعشاب بعد محاولات عديدة للمعالجة على يد أطباء ليسوا أكفاء لاسيما أن معظم الأطباء الأكفاء هاجروا خارج البلد، فتناولنا مستحضراً من العسل الممزوج بالأعشاب لعدة أشهر، واليوم صار لدينا طفل ولله الحمد”.

سهير الفتاة العشرينية من إدلب تعتقد بالمعالجة بالأعشاب وتجدها مجدية على حد تعبيرها، تقول سهير: “كنت أعاني من الأكزيما لسنوات واليوم شفيت يداي تماماً بعدما وصف لي طبيب الأعشاب خلطة العسل مع البابونج”.

وعن مدى فعالية وتأثير استخدام الأعشاب لعلاج الأمراض علمياً يحدثنا الطبيب (وليد المعمر) من ريف إدلب قائلاً: “إن العلاج بالأعشاب هي طريقة مستخدمة منذ القدم ونافعة في العديد من الحالات، لكنه حذر في الوقت نفسه من خطر استخدام جرعات زائدة وغير مدروسة منها قد تؤدي إلى التسمم وتعريض حياة المريض للخطر، ولذلك أكدّ على أنه من الضروري جداً أن يكون لدى العطّار خبرة واسعة في أنواع الأعشاب والأمراض التي تداويها وما الذي يصلح خلطه مع الآخر وما لا يصلح، فصاحب هذه المهنة هو بمثابة الطبيب أو الصيدلي.

العطّار خالد السيد (٤٥عاماً)خبير أعشاب من (تلمنس) بريف إدلب يمتلك عيادة لطب الأعشاب منذ فترة طويلة ولديه خبرة في الأعشاب الطبية اكتسبها عن والده، يقول: هناك العديد من الأعشاب التي تعمل على شفاء أنواع مختلفة من الأمراض فلكل عشبة ميزاتها وفوائدها، وهناك عدة طرق للاستفادة من الأعشاب منها الغلي أو النقع أو الزيوت أو الكمادات أو المراهم.

ويعطي السيد مثالاً على هذه الأعشاب، فيقول: أصف لمن يعانون من التهاب في الجيوب الأنفية خلطة مكونة من خل التفاح مع العسل والزنجبيل والفلفل وعصير الليمون، في حين أصف لمن يعانون من السمنة والسرطان وارتفاع ضغط الدم نبات الحميض.

ويضيف السيد: أن هناك أدوية لحالات مرضية أخرى كشعر الذرة الذي يستخدم للتخلص من مشاكل الجهاز البولي، وهنالك زيت بذر الكتان الذي يعمل على توازن سكر الدم، وأكدّ السيد على أنه نجح في معالجة أمراض عديدة  كأمراض المعدة والسمنة وارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطانات والأكزيما وغيرها من الأمراض، حيث ارتفعت نسبة البيع في محله في الآونة الأخيرة بشكل كبير لأسباب عدة منها تراجع أحوال الناس المادية ولاعتقاد الناس بعدم ضرر الأعشاب إن لم تنفع، لكن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً إلا في حال استخدمت الأعشاب بشكل سليم وبحسب القدر المسموح به يومياً، ويؤكد أنه: يمكن لبعض الأعشاب خصوصاً في حال الإكثار منها أن تؤدي إلى الوفاة أو الإصابة بأمراض خطيرة.

ويختتم السيد حديثه قائلاً: “لقد كانت هذه الحرب القاسية والتي لم تضع أوزارها بعد كفيلة بالقضاء على جميع مقومات الحياة، ولكن الرغبة في الاستمرار دفعت بهذا الشعب إلى الصمود والثبات ولو بطرق بدائية تقليدية”.

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *