أخبار

انتهاكات بحق الإيزيديين من قبل فصائل المعارضة في عفرين

شيار خليل

مع سيطرة قوات فصائل المعارضة السورية المدعومة من القوات التركية على مدينة عفرين بداية هذا العام، ارتكبت هذه الفصائل العديد من الانتهاكات بحق الايزيديين في المنطقة، لدفعهم إلى التهجير وإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.

حيث ارتقت تلك الانتهاكات بحسب منظمات حقوقية إلى جرائم حرب، دفعت الفصائل لفرض الطقوس الإسلامية على الايزيديين في المنطقة، وفرض عليهم التوجه للمساجد الإسلامية للصلاة، بجانب تحويل بعض المراكز الإيزيدية في عفرين إلى مساجد إسلامية، إضافة تدمير بعض المزارات الإيزدية وسرقة محتوياتها.

يتوزع الإيزيديين في مدينة عفرين على عدة مناطق تقدر بـ22 قرية من أصل 366 قرية في عفرين، ويقدر عددهم بحسب الإحصائيات شبه الرسمية في محافظة حلب بحوالي100ألف مواطن إيزيدي سوري.

حاولت مجموعات مسلحة تابعة لفيلق الشام الإسلامي بناء مسجدين في قرى باصوفان، برج حيدر التابعتين لناحية شيراوا في عفرين، وذات الأغلبية الإيزيدية، وإجبار سكانها الإيزديين على حضور الدروس الدينية، كما أقدموا على حرق شجرة “مباركة” في قرية كفرجنة بجانب مزار ديني مقدس يدعى مزار قره جورنه “مزار هوكر”، إضافة إلى سرقة ونبش قبر إيزيديي تراثي في مزار شيخ جنيد في قرية فقيرا وتدميره.

جوان علي من مواطني عفرين الإيزديين، يحدثنا عن الانتهاكات التي تعرض لها قبل مغادرته عفرين باتجاه مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية فيقول: “لم نكن نرغب بالنزوح والخروج من منطقتنا، ولكن بعد احتلال الميليشيات المعارضة وبدعم من الاحتلال التركي، قاموا بممارسة عدة انتهاكات بحقنا في المنطقة، حيث تعرض منزلي للاحتلال من قبل تلك الفصائل بحجة موقعه الاستراتيجي وجعله مسجداً في القرية، كما فرضوا علينا عدة طقوس دينية إسلامية، وإجبارنا على المشاركة في الدروس الدينية في القرية”.

جوان يصنف تلك الانتهاكات أنها انتهاكات حرب، فيقول:” ترتقي تلك الجرائم إلى جرائم الحرب في المنطقة بحق الإيزيديين، ورغم تسليط الضوء عليها من قبل المؤسسات الإعلامية الكردية والمنظمات الحقوقية الإنسانية، إلا أن هناك خزلان كبير اتجاه الإيزديين في المنطقة، وبرأي إيزديي عفرين معرضون للتهجير وهي خطة ممنهجة من قبل تلك القوات بإشراف من الضباط الأتراك لإحداث تغيير ديموغرافي في عفرين”.

عن تلك الممارسات وقيام فصائل المعارضة بارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، يقول علي عيسو – مدير مؤسسة إيزدينا لموقعنا: “منذ سيطرة فصائل الجيش الحر على عفرين، والانتهاكات مستمرة بحق المدنيين العزل، ووفقاً لرصدنا في مؤسسة إيزدينا فإن أكثر من خمسين عائلة إيزيدية اضطرت للهروب من عفرين بعد وقوعها تحت سيطرة المتشددين نظراً للمضايقات المتكررة لهم.

رصدنا في مؤسسة إيزدينا، تعرض العشرات من الشبان الإيزيديين للاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج، والعديد منهم لا يزال في عداد المفقودين، في حين تعرضت العديد من العوائل الإيزيدية للطرد من منزلها رغم امتلاكها للمستندات الرسمية التي تؤكد ملكيتها، وتم منح هذه المنازل لعوائل المسلحين من المستوطنين”.

لم تكتفي تلك الفصائل بطرد واعتقال وخطف الإيزديين في عفرين، بل ثمة عمليات قتل ممنهجة هناك، عنها يقول علي عيسو: “رصدنا تعرض الإيزيديين للقتل المباشر، ففي العاشر من شهر أيار الماضي قامت الفصائل المتطرفة بقتل المدني عمر ممو وهو من إيزيديي قرية قيبار، وأيضاً تم قتل فاطمة حمكي من قرية قطمة إثر إلقاء قنبلة يدوية على منزلها وفقاً لتصريح أبنائها  لموقع إيزدينا، حيث أكدوا أن المتطرفين قد طلبوا مراراً من العائلة الخروج من منزلها ولكنها كانت ترفض وقام المسلحون بمضايقة العائلة مرارًا كما قاموا في وقت سابق بخطف زوج الشهيدة وتعذيبه”.

أما عن المزارات والتصرفات الدينية التي تفرض على المواطنين يقول عيسو: “تم تدمير معظم جميع المزارات الدينية الإيزيدية والتي تفوق عددها الـ 25 مزار، وسرقة محتوياتها، وظهرت عدة شرائط مصورة توثق ذلك. وفيما يتعلق بالقضاء، فمدينة عفرين تخضع لمحاكم شرعية إسلاموية تستند إلى مسودة القانون العربي الموحد، الذي ينغلق على أحكام الشريعة الإسلامية وفقهها ويحدده مصدراً رئيسياً ووحيداً للتشريع، ويعتبر هذا القانون ليس سوى مشروع قانون تم إعداده في أروقة الجامعة العربية عام 1996، ولكن لم يحظ بالإقرار والمصادقة عليه إلى يومنا هذا، لذلك هذا القانون يطبق في سوريا من قبل المتشددين كأول تجربة في العالم”.

وينهي علي عيسو، مدير مؤسسة إيزدينا حديثه عن عمل المؤسسة بتوثيق الانتهاكات ضد المواطنين الإيزديين في عفرين: “نقوم في مؤسسة إيزدينا برصد الانتهاكات وترجمتها للإنكليزية ونقلها إلى منظمات المجتمع الدولي من أجل توثيق هذه الانتهاكات وإدانة مرتكبيها، وطالبنا مراراً عبر بيانات رسمية شارك في التوقيع عليها عموم الجمعيات الإيزيدية السورية بالمجتمع الدولي من أجل التدخل لإيقاف هذه الجرائم وطرد القوى الإسلاموية المتطرفة من عفرين”.

بالتزامن مع استمرار تلك الانتهاكات بحق إيزيديي مدينة عفرين، دعا إيزيديو منطقة الجزيرة السورية منظمة الأمم المتحدة بالتحرك الفوري ضد انتهاكات قوات المعارضة بحق الإيزيديين في مقاطعة عفرين، وذلك خلال اعتصام نظم أمام مقر منظمة يونيسف التابعة للأمم المتحدة في مدينة قامشلو نفذه البيت الإيزيدي في المدينة، وخلال الاعتصام قرأ الرئيس المشترك للبيت الإيزيدي إلياس سيدو بياناً باسم المجتمع الإيزيدي، جاء فيه: “عندما دخلت قوات التركية في منطقة عفرين والقرى الإيزيدية، وضع الإرهابيون إشارات مميزة على أبواب المنازل الإيزيدية في المنطقة، لتمييزهم عن بقية المواطنين، حيث دعت قوات المعارضة  أبناء الديانة الإيزيدية إلى اعتناق الدين الإسلامي والصلاة في جوامعهم، وذلك تحت التهديد والقتل كما فعل تنظيم داعش في شنكال وسلوكهم لا يختلف عن سلوك داعش الإرهابي”. وطالب التجمع العالم الحر بقيادة التحالف الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان.

غادر العديد من العائلات الإيزيدية قراهم، متجهين إلى محافظة حلب التابعة لسيطرة النظام السوري، وإلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشمال شرق سوريا، أما ما تبقى من هذه العائلات فيعيشون ظروف لا إنسانية سيئة، حيث ترتكب الكتائب المسلحة بحقهم العديد من حالات الاعتقال والخطف بقصد الفدية المالية، بجانب دفعهم إلى التهجير وإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.

تستمر الانتهاكات بحق إيزيديي مدينة عفرين مع استمرار تلك القوات بفرض الطقوس الدينية على المدنيين، وخطف واعتقال الأهالي، ودفعهم إلى التهجير، مع غياب كامل لأصوات دولية بالتدخل وتسليط الضوء على معاناتهم التي لا تفرق بشيء عن معاناة إيزيديي العراق الذين تعرضوا للقتل والاغتصاب والتهجير على يد تنظيم داعش الإرهابي.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *