أخبار

الأغذية الفاسدة تغزو أسواق الشمال

عندما ينجو المواطن بحياته في الشمال السوري من القصف والقتل، يجد تجار الأزمات وأصحاب النفوس الضعيفة بانتظاره ليجهزوا عليه، من خلال الأطعمة الفاسدة والمنتهية الصلاحية التي عمدوا إلى استيرادها وطرحها في الأسواق دون أي اعتبارات اخلاقية، وكل همهم أن تمتلىء جيوبهم بالأموال حتى ولو ملئت المقابر بالأبرياء، مستغلين حالة الفلتان الأمني في المنطقة، وغياب الرقابة وتجاهل المعنيين للمشكلة.

نقلت سامية العبيد (٣٥عاما) القاطنة في مدينة خان شيخون؛ طفلها محمد البالغ سبعة أعوام إلى المشفى الميداني بسبب تسممه جراء تناوله لعلبة بسكويت منتهية الصلاحية كادت أن تودي بحياته.

تقول والدة محمد لأنا إنسان، شارحة ما حدث مع طفلها: «بعد تناول محمد لعلبة البسكويت؛ ارتفعت درجة حرارته، وتعرض للقيء والإسهال، فقمنا بإسعافه إلى المشفى، وهناك أكد لنا الطبيب بعد قيامه بالإسعافات اللازمة أنه أصيب بتسمم غذائي، لنكتشف لاحقاً بأن العلبة كانت منتهية الصلاحية».

وتحمل العبيد المجالس المحلية مسؤولية التساهل في هذا الموضوع باعتبارها الجهة المعنية بمتابعة أمور المواطنين في كافة المجالات، وسد الفراغ الذي تركه غياب مؤسسات الدولة.

الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فضلاً عن غياب ثقافة الغذاء الصحي، يدفع ببعض الأهالي لشراء سلع مغشوشة، أو مشكوك في سلامتها، فدخلهم القليل لا يمكْنهم من شراء اللحوم والأغذية الطازجة.

أحمد العلوش (٤٠عاماً) لا ينسى ذلك اليوم المشؤوم الذي أسعف فيه أولاده الستة إلى المستشفى بعد أن أصيبوا بحالة تسمم غذائي إثر تناولهم للسمك المجمد، والذي كان قد اشتراه من أحد الباعة الجوالين نظراً لرخص ثمنه، ليكتشف بعدها بأنه فاسد وغير صالح للاستهلاك. منذ ذلك الحين والعلوش يتجنب شراء كل ما هو مجمد أو معلب أو غير طازج، حتى ولو اضطر لتناول الخبز والملح فقط على حد تعبيره.

ولم يقتصر الأمر على انتشار الأغذية الفاسدة، وإنما امتد ليشمل ما هو أخطر من ذلك، حيث يتم أيضاً إدخال أدوية وأغذية أطفال منتهية الصلاحية إلى الشمال دون فحصها، إذ يقول أسامة العلي (٣٧عاماً) من قرية كفروما أنه اشترى من إحدى الصيدليات علبة حليب لطفله البالغ من العمر تسعة أشهر، وبعد استعمالها بدأت تظهر على الطفل أعراض التسمم من قيء وإسهال، وبعد عرض الطفل على طبيب الأطفال؛ تبين أن الحليب منتهي الصلاحية، ولكن تم إخفاء التاريخ بلصاقة جديدة.

وعن التأثيرات السلبية التي يتعرض لها الإنسان عند تناوله للأغذية الفاسدة، يحدثنا الطبيب الأخصائي في الأمراض الداخلية مازن اليوسفي قائلاً: «إن تناول الأغذية الفاسدة يؤدي إلى التسمم الغذائي، وهناك إصابات قد تتحول لحالات قصور كلوي حاد إذا لم يتعالج بشكل سريع. البكتيريا المسببة للتسمم بشكل عام تنتج عادة في أمعاء الحيوانات، والتي قد تنتقل في مراحل الذبح والتحضير إلى بعض المنتجات الغذائية، وبالتالي يتناولها الإنسان فتؤدي لتسممه، وبعضها يتكون نتيجة التخزين غير الصحي للأغذية؛ وهي الأكثر شيوعاً».

ويضيف اليوسفي بأن أهم الأعراض التي تصيب الشخص المصاب بتسمم غذائي، هي ارتفاع في درجة الحرارة والإسهال؛ وهو من أهم الأعراض، إضافة للإقياء والغثيان وآلام البطن الشديدة.

كما شدد اليوسفي من أجل الوقاية من حالات التسمم الغذائي على عدم شراء الأطعمة والأشربة المختلفة من الباعة المتجولين لعدم توافر الشروط الصحية فيها، والانتباه إلى مدة صلاحية المواد الغذائية، وعدم شراء أو استهلاك مواد غذائية منتهية الصلاحية، أو إذا كانت المعلبات منفوخة أو مثقوبة أو صدئة لأنها تعد فاسدة وتسبب أضراراً خطيرة.

ونوه الطبيب في نهاية حديثه إلى أن حالات التسمم الناتجة عن الأغذية الفاسدة برزت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ويشير إلى أنها تتراوح ما بين (٥ إلى ٧) حالات أسبوعياً، ومعظم تلك الحالات كانت من فئة الأطفال، ويحتاج أغلبها إلى غسيل معدة، والبعض يعاني من حساسية جلدية بسببها.

إسماعيل النجار عضو المجلس المحلي في ريف إدلب، صرح لأنا إنسان بالقول: «أن أزمة الأغذية الفاسدة ستنتهي حتماً عندما يمارس الجميع دوره الإيجابي من خلال الإبلاغ عن أصحاب المحلات التجارية والمطاعم والمعامل التي تبيع أو تقدم أو تنتج مأكولات فاسدة أو منتهية الصلاحية، فعندما نكتشف سلعاً فاسدة ونصمت، ثم نغادر المكان بهدوء دون أن نتخذ إجراء ما، يأتي آخر ويشرب من نفس الكأس»،  وشدد النجار على ضرورة التعاون بين المجالس المحلية والجهات الأمنية من أجل القيام بحملات رقابة وتفتيش مكثفة، تجوب المحرر للتأكد من جودة المنتجات التي تقدم للمواطنين وصلاحيتها، وضبط الأسعار، والحد من جشع التجار، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المخالفين.

 

 نهى الحسن

 

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *