مخاوف النازحين إلى القامشلي من المنطقة الآمنة
شفان إبراهيم – القامشلي
في مكان عمله الكائن بإحدى الدوائر الرسمية في مدينة القامشلي ، تبدو ملامح القلق والخوف بادية على مُحيا “خالد الصالح” (43عاماً)، وهو يُتابع أخبار المنطقة الآمنة ومساحتها طولاً وعرضاً. حاملاً جهازه الرقمي، ومتابعاً للأخبار المنتشرة على حائط حسابه الفيسبوكي المشيرة إلى المنافسة الشديدة بين الدول الإقليمية والدولية بين منع أو تأييد إنشاء المنطقة الآمنة، «ما نخشاه أن ينشب صراعٌ مسلح جديد في المنطقة، إلى أين نذهب نحن، إن كل أهل الدار خائفون على مصيرهم».
خالد ابن مدينة “دير الزور”، والذي يحملُ إجازة في الهندسة المدنية، نزح إلى القامشلي منذ 6 سنوات، ويعمل في دائرة الريّ الحكومية، لم يُخفي هواجسه وخشيته من النزوح، وقال: «استقر بنا الحال هُنا، دُمر بيتي وفقدت سيارتي، وصلت إلى هُنا ولم أكن أملك ما يسدُ جوع أطفالي الصغار. وأي نزاع أو حرب جديدة، لا مكان لنا نلجأ إليه ويتحسر خالد على مستقبل طفلتيه وزوجته، خوفاً من أيَّ نزاعً حول المنطقة الآمنة». ولا يخفي قناعته بعدم قدرة أيَّ طرف بمواجهة المشاريع الدولية، متمنياً التركيز على حال النازحين. مؤكداً «أنه لو طُبق المشروع عبر تعارض ومواجهة “تُركيا” مع “قسد” فإننا سنضيع من جديد، ولنا في تجربة “عفرين” خير دليل، وستدمر حتى هذه الرقعة التي آوتنا، وما أتمناه أن تنتهي هذه الحرب سواء بمنطقة أمنة أو بدونها، دون نزاع أو اقتتال، حينها سنكون مرفهين وآمنين».
لكن مخاوف خالد لا تقتصر على هاجس الحرب إن وقعت، بل تتعدى إلى مواقف ونظرة مختلف الأطراف لقضية توطينهم أو استقدم اللاجئين من تركيا، حيث يسمع دوماً أن الكُرد متخوفون من استقرار اللاجئين في مناطقهم، خاصة وأن الأحاديث تدور حول نقل نفوسهم إلى هنا.
سيناريو “عفرين” الماثل أمام أعين الجميع في كل لحظة؛ بمثابة كابوس يجثم على صدور النازحين كحال “محمد عبد الرحمن” /25 عاماً/ المنحدر من قرية “بيلي” بعفرين، والذي يروي كيف نجح بالخروج من المدينة بعد أن شنت تركيا والفصائل السورية المعارضة هجوماً واسعاً في آذار من العام الماضي. حيث قال: «تركت خلفي حقلَّ الزيتون، وثلاثة محلات لبيع الزيتون وزيته، كما تركت والديّ الذين رفضا الخروج. وصلنا إلى نُبل، ثم انتقلنا إلى الشهباء، ومنها إلى كوباني حتى استقر بنا الحال في القامشلي”».
يرغب “عبد الرحمن” بالمنطقة الآمنة، دون أن تسبب مشاكل جديدة، يتذكر التسميات العسكرية للفصائل المسلحة فيقول: «لو كانت تلك الفصائل، حقيقة هي الجيش الحر الحقيقي، ما كانا هربنا من مدينة الزيتون». حيث يبدي مخاوفه من المصير المجهول للمنقطة الآمنة ما لم تكن برعاية دولية أو تواجد كُردي وباقي المكونات.
تقف “أريج” 21عاماً ابنة حيّ الجورة بدير الزور أمام زبائن المحل الذي تعمل فيه كبائعة ملابس في السوق المركزي في القامشلي، وتستغل بعض الوقت لتسأل الرجال عن مصير المنطقة، خائفة من تكرار سيناريو نزوحها الأولي: «منذ خمسة أعوام وأنا أعيش هنا برفقة أمي وأخوتي، تعرض منزلنا للقصف، وفقدنا كل شيء، وأخي مطلوب للتجنيد، أخاف كثيراً على مصيرنا». وكجميع أهالي المدينة، تبحث أريج عن إجابات لأسئلتها، فهي لا تفهم كثيراً بالأمور السياسية والعسكرية، لكنها تسمع أن هناك خلافاً بين الجميع، وتتمنى ألا تتعرض للنزوح من جديد، والمهم بالنسبة لها أن من يدير المنطقة عليه الاهتمام بمصيرهم كنازحين.
من جهته يرى الصحفي “طلال خليل” أن المنطقة كُلها سوريا، ولا مشكلة في حماية أيَّ نازح أو لاجئ. لكنه يشرح أبعاداً أخرى لعملية قدوم المزيد من النازحين أو استقرار اللاجئين السوريين في تركيا، إلى المناطق الكُردية. وقال: «نعاني من خلل حاد في الميزان السكاني للكُرد، نتيجة الهجرة المتزايدة، وفي حال استقر الحال بهم هنا بشكل نهائي، سينعكس بشكل كارثي على المنقطة وديمغرافيتها، خاصة وأن الخلافات الكُردية –العربية لم تُحل بعد، وليس هناك حتى اليوم أيَّ مشروع وطني لحل القضية الكُردية».
ومنذ بداية الحرب في سوريا شهدت المنطقة نزوح الآلاف من مختلف المحافظات السورية، متوزعين بين المخيمات والمدن والبلدات في الشمال السوري، كان لمحافظة “الحسكة” النصيب الأكبر، حيث توزع استقرار النازحين في المخيمات التي تشرف عليها الإدارة الذاتية وفق النسب التالية: 30 ألف في الهول، 4 آلاف في مبروكة، 12ألف في عريش. و350 ألف في المدن والبلدات. كما نزح 350 من أهالي عفرين إلى تل نصري في تل تمر، و384 إلى الحسكة، و2850 في عموم المناطق الكُردية وخاصة القامشلي.