“رامز حلاوة” البطل الذي أنقذ مئات الجرحى في الغوطة الشرقية
أنس الشامي
“سائق سيّارة الإسعاف” مهنة الشجعان، فكيف إن كان المكان الغوطة الشرقية، المنطقة التي قصفت، وحوصرت لستّة أعوام متتالية.
رامز حلاوة بطل قصتنا، سائق سيّارة الإسعاف الذي لا يهاب الموت، والذي بقي يمارس عمله حتى آخر دقيقة له قضاها في الغوطة، قبل تهجيره منها قسريّا إلى الشّمال السوريّ.
كان رامز حلاوة، متأهباً دائماً لأداء عمله الإنساني، يجلس في النقطة الطبية ويمسك جهازه اللاسلكيّ بيده، وهو على أتمّ الاستعداد لتلبية نداء العمليات المركزيّة لإسعاف الجرحى من المكان الذي يٌستهدف بالقصف، وعند سماع اسمه على جهازه اللاسلكي يتوجّه فوراً إلى المكان المطلوب دون أن يردعه قصف أو هدير طيران أو صوت صواريخ، هدفه الوحيد، جلب الجرحى إلى النقاط الطبية ليتمّ معالجتهم وإنقاذ أرواحهم.
مع بداية الثّورة السوريّة بدأ رامز العمل في المجال الإسعافيّ وإخلاء الجرحى في بداية الحراك السلميّ، بعد قيام عناصر قوات النظام باستهداف المتظاهرين بالرصاص الحيّ، وتطوّر الأمر مع رامز حتى أصبح سائق سيارة إسعاف مع استمرار قوّات النظام باستخدام جميع أنواع الأسلحة ضد المدنيّين.
عمله في المجال الطبي، كان سبيلاً لتعرفه على العديد من الأصدقاء، بينهم محمد أبو غيث، الذي كان يتواصل معه، يوجّهه إلى مكان القصف عبر أجهزة الاتصال، يوضّح أبو غيث لموقع “أنا إنسان” أنّ الغوطة الشرقية كان تشهد مواجهات بين المعارضة وقوات النظام على مدار سبعة أعوام متتالية، وشاهدت شجاعة المقاتلين على الجبهات، لكن تبقى شجاعة المسعف لها صفاتها الخاصة، مضيفا: “أعتبر هذه شجاعة حقيقيّة لأنّ المسعف عادة ما يكون أعزل ويتوجب عليه مواجهة غارات الطيران والقذائف، وطيران الاستطلاع الذي يرصد حركته، أمّا المقاتل فيكون محميّا بمتاريس يحتمي بها حتى نهاية القصف”.
يكمل أبو غيث كلامه قائلا: “إنّ من يعمل في مجال الإخلاء في جميع أنحاء العالم في ظلّ الحروب والكوارث، سيقف مدهوشاَ من رواية أحداث الغوطة، فالغوطة الشرقيّة كانت تفتقر لأبسط مقومات الصمود وإمكانيّات العمل الطبيّ، ورغم ذلك كان العمل الطبي يشهد له العالم أجمع وشهد له العدو قبل الصديق، كان العمل يتم بأبسط الطرق ضمن الإمكانيات المتوفرة”.
وعن شجاعة حلاوة، أكدّ محمد أنه “في الحملة الأخيرة التي شهدتها الغوطة الشرقية لم تكن الشجاعة تقتصر على من يحمل سلاحه ويدافع عنها، لكنّ الشجاعة كانت أن تمشي بسيارة الإسعاف في طريق طوله 1كم ونسبة تعرضك للقصف هي 85%، هذا المشهد الذي عاشه حلاوة هو مشهد سينمائي بامتياز”.
غارات للطيران الحربي، الناس تحت الأنقاض داخل الملاجئ، الطريق مرصود من طيران الاستطلاع وقذائف الهاون والمدفعية والطيران الحربيّ، يتم الاستهداف بشكل مباشر خلال بضعة ثوان، الطيران الرشاش يرصد أي هدف متحرك، الطرقات فارغة لا يتحرك فيها إلا سيارة الإسعاف إلى مكان الغارة، وحلاوة بكل بساطة يشغل سيارته ويتوجه كالسهم إلى مكان الغارة لإخلاء الجرحى والشهداء ويتم نقلهم إلى النقاط الطبية، وتتكرر هذه العملة طوال النهار والليل.
رامز حلاوة جنديّ مجهول، أنقذ مئات الجرحى ببطولته وشهامته، يشهد له الكثير من سكان الغوطة بإخلاصه في عمله، وحبّه لمساعدة الغير، وإيثارهم على نفسه.
تابعنا على الفيسبوك : أنا إنسان
تابعنا على اليويتوب : أنا إنسان youtube
اقرا أيضاً : أمن الدولة ينفذ حملة دهم وإعتقالات في الغوطة الشرقية