أخبار

عصابات ملثمة في إدلب … خطف مقابل مال وفدية دون رقيب

سونيا العلي – ادلب – خاص أنا إنسان

تمكنت أم علاء من إنقاذ ولدها عمار حين حاول ملثمون خطفه من أمام باب منزلهم، فقد صرخت بأعلى صوتها حين رأتهم  يحاولون خطفه، فتركوه ولاذوا بالفرار .

ليست حادثة خطف الطفل عمار الوحيدة في المناطق المحررة، فقد أصبحت الحالة الأمنية المتردية السمة الأبرز ومصدر خوف للمدنيين والعسكريين على حد سواء، تديرها جهات خفية تحرك الخلايا النائمة سواء المرتبطة منها بتنظيم القاعدة الذي تبنى عدة عمليات اغتيال في المنطقة أو النظام السوري باعتباره مستفيداً أيضاً من الانفلات الأمني، حيث نجحا في خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار من خلال نشر أشخاص مجهولي الهوية يعملون على إخفاء وجوههم لضمان حرية الحركة أثناء تنفيذ عملياتهم وارتكاب جرائم القتل والخطف والسرقة، الأمر الذي دفع الأهالي للمطالبة بحظر اللثام ومنعه للتمكن من معرفة هوية المجرمين الذين يختبؤون وراء لثامهم .

أم علاء من مدينة إدلب تتحدث لأنا إنسان عما جرى معها بتاريخ 13/3/2018 قائلة: “أرسلت ولدي البالغ من العمر سبع سنوات إلى المتجر القريب من بيتنا لشراء بعض الحاجيات وبدأت أراقبه من النافذة حتى يعود، في الوقت نفسه رأيت سيارة شحن صغيرة (فان أبيض)وقفت إلى جانبه ونزل منها شخص ملثم وبدأ يتحدث معه فبدأت بالصراخ، الأمر الذي نبه المارة في الشارع مما جعل الملثم يترك الصبي ويعود إلى سيارته التي انطلقت بسرعة جنونية .”

وتلفت أم علاء بأن زوجها تاجر معروف في المدينة لذلك تعتقد أن سبب الخطف هو طلب فدية من والده، وتستطرد بقولها: “لقد بات الأمان مفقوداً في المنطقة، وكأن القصف لم يعد يكفينا لنتعرض للخطف والسرقات على يد هؤلاء الملثمين أيضاً.”

إذا كان الطفل عمار قد نجا بأعجوبة من يد خاطفيه، فإن الشاب حمدو الرحال من قرية معرشمارين بريف إدلب لم يكن كذلك، حيث تم خطفه من قبل ملثمين في شهر حزيران 2018 ليُعثر على جثته مقطوعة الرأس ومرمية على أطراف القرية بعد عدة أيام  .

أمام مرارة هذا الواقع تصاعدت الدعوات من قبل نشطاء الثورة والفعاليات المدنية التي تطالب الفصائل بضرورة وضع حد لاستخدام اللثام ووقف التعامل به من قبل الجميع، كمال الحسن أحد عناصر الشرطة الحرة في معرة النعمان ينتقد ظاهرة اللثام، قائلاً: ” لقد عصفت هذه الآفة في المجتمع مع بدء تحول الثورة من السلمية إلى المسلحة، حيث استخدمه في البداية الناشطون والمتظاهرون بهدف إخفاء وجوههم عن أعين المخابرات الأمنية والمخبرين الذين يتجولون بين المتظاهرين للإخبار عنهم، ومع تنامي الحراك الثوري انتشر الملثمون في كل مكان وكل فصيل، الأمر الذي دفع ضعاف النفوس لاستغلال ذلك واستخدام اللثام لارتكاب الأعمال الإجرامية من تصفية وسرقة وتشليح من خلال إخفاء وجوههم خوفاً من معرفتهم، لذلك نطالب الفصائل بنزع اللثام ومعاقبة الملثمين .كما يضيف الحسن إلى أسباب الفلتان الأمني عدم وجود قضاء فاعل ونزيه، وانتشار السلاح بأيدي عامة الشعب إضافة إلى كثرة السيارات المجهولة التي لاتحمل رقماً أو لوحة، وصولاً إلى عدم وجود قوة أمنية فاعلة قادرة على ضبط الوضع الأمني .”

ملهم سمير مدير حملة (اللثام ليس منا) يتحدث عن تداعيات اللثام وضرورة محاربة الظاهرة بقوله: “يقوم ملثمون داخل المناطق المحررة بزرع عبوات ناسفة تستهدف بمعظمها قياديين عسكريين أسفرت عن قتل وجرح العشرات منهم، ناهيك عن حوادث الخطف والسرقة التي سُجلت ضد ملثمين، الأمر الذي جعلنا نطلق حملة توعوية رافقتها حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تضمنت نشر بوسترات وملصقات وغرافيتي على الجدران في الأماكن العامة من مراكز تعليمية وطبية ومهنية .”

كما أصدرت المجالس المحلية والعسكرية في عدد من المدن والقرى في إدلب بيانات تقضي بمنع ارتداء اللثام بهدف ضبط الوضع والتخفيف من حدة الانفلات الأمني، محمد الحسين أحد الإداريين في المجلس العسكري لبلدة جرجناز بريف إدلب يتحدث عن الإجراءات المتبعة للحد من انتشار اللثام قائلاً: “اللثام يساعد صاحبه على ارتكاب الجرائم والانتهاكات بكل سهولة، ويضمن للجاني عدم التعرف على شخصيته، حيث أصبحت عمليات القتل والخطف والسرقة شبه يومية واعتيادية، وهذا لايبشر بالخير، لذلك لجأنا لمنع ارتداء اللثام واتخاذ موقف حاسم منه، وقمنا بمطالبة الفصائل العسكرية المسيطرة بمحاسبة كل من يظهر ملثماً.”

أحمد التناري من معرة النعمان لا يزال يذكر حادثة سرقة سيارته التي تشكل مصدر الرزق الوحيد بالنسبة لأسرته من قبل الملثمين، يقول: “أعمل في بيع المحروقات، وكنت مع ولدي في طريقنا إلى ريف حلب لجلب مايلزمنا في الصباح الباكر، حين استوقفتنا مجموعة من الملثمين وطلبوا تفتيش السيارة، فظننت بأنهم حاجز أمني يتبع لإحدى الفصائل العسكرية، ولكن عندما نزلت من السيارة سرعان ماصوبوا بنادقهم نحوي وطلبوا مني أن أترك السيارة وأمضي في طريقي إذا أردت البقاء على قيد الحياة .”

ويضيف بحزن: “تركتها مرغماً حفاظاً على حياتي، وباعتبارهم كانوا ملثمين لم أتمكن من كشف هويتهم .”

يشدد التناري على ضرورة نزع اللثام لأنه ليس من عاداتنا وتقاليدنا، وكل من يظن أن اللثام بطولة فهو مخطئ، لأن البطولة في ساحات القتال وليست في الشوارع أمام المدنيين العزل والنساء والأطفال.

كذلك كثرت في الآونة الأخيرة حوادث خطف الكوادر الطبية بهدف جمع المال، حيث أقدم ملثمون على خطف الطبيب محمود المطلق في مدينة إدلب خلال شهر حزيران الماضي، دون أن تشفع له سمعته الطيبة ومكانته العلمية، وقد تم الإفراج عنه بعد مفاوضات استمرت لأيام انتهت بتحصيل مبلغ 120ألف دولار من قبل الخاطفين، فيما فشل ملثمون بالدخول إلى مشفى الدانا الجراحي في مدينة الدانا شمال إدلب بعد تنبه الحرس وكادر المشفى، مما حال دون تمكنهم من تنفيذ مايرمون إليه من مخطط يستهدف الكوادر الطبية وغيرهم .

اللثام سلاح فتاك وانتشاره في المناطق المحررة خلق حالة من التخبط وعدم الاستقرار نتيجة وضعه على وجوه عناصر الفصائل وغيرهم في الشوارع والأزقة والمدن وعلى الحواجز، فاسودت الحياة في وجوه السوريين برؤية تلك الأقنعة السوداء التي تدل عن سواد قلوب من يرتديها.

 

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *