أخبار

خطاب الإحباط الديني

اللعنة على الغرب …اللعنة على الشرق …اللعنة على الأمم السابقة والحالية واللاحقة !

إنها حربٌ علينا …حربٌ على الإسلام …حرب على بلاد المسلمين …حربٌ على قيمنا وأخلاقنا

إننا نعيش في زمن الفساد …زمن الانحلال ..زمن الخذلان ….

يا أمتنا كلهم يحاربوننا …يا أمتنا كل العالم ضدنا ….يا أمتنا نحن نموت ببطء …!

قد اقتربت الساعة …نعيش في آخر الزمان …نعيش اللحظات الأخيرة قبل قدوم العلامات الكبرى!

لا أمل في الحياة …لا أمل في الدول …لا أمل بأحد ….تباً لهذه الحياة …تباً لهذا الوضع !

لن ترضى عنا اليهود والنصارى …لن يرضى عنا أحد …كل الأمم والهيئات ضدنا !

مثل هذه العبارات وأمثالها وكثيرٌ منها وأشباهها : هي الخطاب المسيطر على ألسنة عموم الناس …وهو خطاب مأخوذ من الخطاب الديني المنتشر في الفضائيات والمنابر والدروس والكتب .

خطاب منتشر ـ لا يخلو الأمر من استثناءات نادرة وقليلة ـ ..وهو خطاب غير سليم وغير مفيد

خطابٌ يؤدي لمزيد من الإحباط واليأس …وهو يزيد من جرعة العدائية والغضب في بلادنا …وسينتج جيلاً كارهاً لكل شيء …يرى في الحياة والتنظيم والتقنية والترتيب والانضباط والآليات الحديثة ووضع العالم الجديد سبباً في زيادة آلامه …مما يسهل على كل تنظيم قهري عدائي إرهابي توظيف آلاف الشباب المتحمّس من ناحية والمحبط من ناحية أخرى للالتحاق بهم !

نعم …الواقع سيء …ومن الخطأ تزيينه ….والمعطيات تظهر عدم اهتمام الغير ببلادنا ومآسيها …ومن الخطأ إنكار ذلك ….

لكن المشكلة تكمن في الخطاب السلبي المحبط …فلا هو يزرع أملاً …ولا هو يقدّم حلولاً واقعية !

في حديث نبوي عظيم يروي أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم ) ـ صحيح مسلم ـ.

وكلمة ( أهلكهم) وردت بروايتين :

( أهلكَهم ) : وهي تعني أنه تسبب في زيادة المأساة وتدهور الأحوال واليأس والإحباط …فهو يقود الناس للهلاك بخطاباتهم السلبية هذه

و( أهلكُهم) : وهي تعني أنه أكثرهم هلاكاً وأشدهم خسارة …لأنه قد قطع الأمل وفقد معنى الحياة!
نحن اليوم نحتاج بشدة لخطاب إيجابي …خطاب ينبّه على الأخطاء لكنه لا يقف عندها طويلاً …خطاب ينمّي حالة الصمود والتحدي لدى شبابنا …خطاب يربّي النفوس على إثبات الذات في مختلف مناحي الحياة …خطاب لا يعتمد على مفهومٍ واحدٍ للقوة ( وهو السلاح) ..بل يطرح مفهوم ( قوة العمل) و(قوة المال) و(قوة الاختراعات) و(قوة الثقافة) و(قوة المعرفة) و(قوة التجارة) و(قوة الحضارة والقيم الإنسانية) !

لا نريد خطابات تزيد من أعداد اليائسين …ولا من أرقام التائهين ..ولا من تجمعات المقهورين

وإذا كنا نخسر اليوم حرباً أو عسكرة أو جغرافيا ….فعلينا ألا نخسر الحياة والصمود والمقارعة في ميادين أخرى !

جاء عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله: ( مَثَلُ أمتي مثل المطر: لايُدرى الخيرُ في أوله أو آخره) ـ حديثٌ حسنٌ عند أحمد والترمذي وابن حبان وغيرهم ـ

فمتى يأتي الخير …ومتى يكون الخير …والبعض خطابه مليء بالإحباط والتخذيل والسلبية واليأس؟!

*الشيخ  محمد عبدالله نجيب سالم

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *