لقد تاجروا بنا يا صديقي
نسرين م عزام – كاتبة سورية
صُعق الصحفي بسماعه هذه الجملة من طفل في التاسعة من عمره (لقد تاجروا بنا يا صديقي)
نهض الطفل بعدها بجسده النحيل ، مشى بضع خطوات حيث سمع صوت الأطفال يعلو و وقع أقدامهم يقترب ، ودعه بتحية رأس بسيطة ، ثم ركض نحوهم .
عندما ركضتُ نحو أصدقائي كنتُ أهرب من ذلك الصحفي المتطفل ، لقد مللنا الصحفيين هنا
كما أنني حفظتُ أسئلتهم عن ظهر قلب ، و حفظت معاناة أمي التي تنشدها على مسامعهم في تلك الخيمة الحزينة .
كانت أمي تنتظرهم بفارغ الصبر لتحكي عن مقتل أبي الخياط البريء برصاص قناص غادر و نحن في طريقنا إلى هنا
إلى الأمان كما كانت تقول لنا دائما ً ، رغم أنني لم أجد الأمان أبداً في خيمة بائسة كهذه .
(_ هيييييه أمجد تعال ليأخذوا لك صورة تذكارية مع أخواتك .. )
تجاهلتُ نداء أمي ، التي كانت تحب ظهورنا في الصور دائما مع أخواتي الثلاث ، اللواتي أخاف عليهن من هذا المخيم البائس بعد كل تلك القصص التي أسمعها و تصب وسط أذني في هذه الخيم الضيقة .. الجملة الوحيدة التي صبت وسط أذني و أحببتها بشدة و أرددها دائما هي من صديقي و معلمي الذي يكبرني بعشرين عاماً :
(لقد تاجروا بنا يا صديقي .. و ما عاد الأمر كما كنا نتوقع )