ألمانيا تناقش خيار ترحيل اللاجئين إلى سوريا وإمكانية تطبيقه
يعتزم وزار الداخلية في ألمانيا مناقشة ما إذا كانت عمليات الترحيل إلى سوريا ممكنة من جديد في ظل التغيرات الطارئة على البلاد. وتقديم تقرير جديد عن الوضع الأمني في سوريا بعد لقاء مشاورات وزراء الداخلية التي تبدأ اليوم الأربعاء.
مارتن لوتوين، أول مواطن ألماني معتقل على يد النظام السوري، يبلغ من العمر 29 سنة، شهد على حالات التعذيب في سجون بشار الأسد، أمضى بها مدة ثمانٍ وأربعين يوماً، وأطلق سراحه بعد جهود ديبلوماسية كبيرة.
يرفض في مقابلاته الإعلامية الأخيرة سرد معاناته خلال الاعتقال في المعتقل السوري، لأنه يعتقد أن الأهم حاليا هو الحديث عن العديد من الأسرى الذين ما زالوا يتعرضون للتعذيب والإهانة إلى حد الساعة داخل سجون الدولة العربية.
وصل لوتوين إلى مدينة القامشلي شمال شرق سوريا مع مجموعة صغيرة عام 2018 كعامل إغاثة. ووقع في يد المخابرات العسكرية وهو يتجول في أحد الأسواق رفقة زميل له.
يعتقد الشاب الألماني أن قرار حظر الترحيل الساري منذ 2012، يجب أن يستمر في التطبيق حتى على السوريين الذين ارتكبوا جرائم خطيرة أو المتطرفين الإسلاميين في ألمانيا، بل وتجاوز ذلك للتفكير أن الأشخاص الذين يعبرون عن ولائهم للأسد على وسائل التواصل الاجتماعي ما يزالون أيضا في حاجة إلى الحماية في هذا البلد.
وعن اقتراح وزير الداخلية الاتحادي هورست سيهوفر، يرى الألماني العائد سابقا من معتقلات التعذيب السورية، أنه “على الأقل في حالة المجرمين والأشخاص المعرضين للخطر، يجب التحقق جيدا من إمكانية الترحيل قبل تنفيذه، إذ أن ترحيل شخص ما إلى سوريا حاليا ربما يعني قتله أو تعذيبه”. معتبرا أنه حتى لو ارتكب سوري جرائم أو اعتُبر تهديدًا إرهابيا هنا، “فهذا لا يغير حقيقة أنه يتعين علينا حماية حقوقه”.
أما عن عودة اللاجئين الموالين للنظام السوري، يشرح المتحدث وجهة نظره بالقول “ربما غادر سوريا دون إذن، حتى لا يضطر مثلا إلى الالتحاق بالجيش، أو أنه يوهم الناس بولائه للنظام فقط لحماية أسرته في سوريا”. وشدد على أنه من الناحية العملية لن يكون الطرد ممكناً إلا بالتعاون مع السلطات السورية، وهو ما “من شأنه جعل ألمانيا تعطي شرعية لنظام الأسد”.
من منطقة القامشلي، نقل مارت على يد المخابرات العسكرية السورية بالطائرة إلى دمشق، واتجهوا به إلى مركز الاعتقال سيء السمعة المسمى “فرع فلسطين”. لم يعرف لوتوين إلى أين نُقل. علم أنه كان في دمشق فقط عندما التقى بالسفير التشيكي، قبل تسعة أيام من إطلاق سراحه.
يحكي عن تلك التجربة “لم أتمكن من رؤية من كان بجواري في الزنزانة إلا إذا تم اصطحابنا إلى المرحاض على شكل مجموعات مكونة من خمسة نزلاء”. ويتذكر أنه “تم حبس صبي خلال فترة تواجده في المعتقل، كان يبلغ من العمر 15 عامًا على الأكثر”.
ويقول لوتوين إنه “كل يوم، كان يتم استجواب وتعذيب المعتقلين، قبل ذلك كان يسمع ملفات تلقى على الطاولة في الردهة، صوت يؤذن ببداية الاستجواب والتعذيب، اللذان تسببا في الكثير من الأحيان في موت المعتقلين.
لم يعرف الشاب الألماني العائد من سجون النظام السوري مدى ضخامة مجمع المخابرات العسكرية حيث كان، إلا بعد إطلاق سراحه. وقد عبر لوتوين عن امتنانه الشديد لوزارة الخارجية التي دافعت عنه في ذلك الوقت.
جدير بالذكر أن قرار عدم تمديد حظر الترحيل إلى سوريا الذي ينتظر مناقشته هذا الأسبوع في ألمانيا، قد تعرض لانتقادات منظمات حقوقية وأحزاب سياسية ألمانية، خصوصا في ظل غموض الوضع في سوريا واستمرار الانتهاكات الحقوقية لنظام بشار الأسد.
ومن بين هذه المنظمات، منظمة “برو أزول” الألمانية المعنية بشؤون اللاجئين، إذ ترى المنظمة أن التعذيب والملاحقة التعسفية يمكن أن تطول أي فرد في سوريا. وقال المدير التنفيذي للمنظمة، غونتر بوركهارت، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) “إنه من غير المناسب على الإطلاق أن يناقش وزراء الداخلية مسألة إنهاء الحظر العام المفروض على الترحيل لسوريا”.
وأضاف “النظام السوري لا يمكن التنبؤ بتصرفاته على الإطلاق”. معتبرا أن اقتراح وزير الداخلية هورست زيهوفر، في هذا الشأن ما هو إلا “دعاية شعبوية”.
المصدر: وكالات