أخبار

إطعام الأيتام … واجبي

سعد حجي 

عندما اشاهد صور إذلال اللاجئين مقابل الحصول على المساعدات اشعر بغضب كبير، فالكاميرا أحيانا تسابق وجبة الطعام الى بطن الجائع، تحوم فوق رأسه وتعد عليه انفاسه وإن استطاعت تسجيل دمعه في سبيل الحصول على وجبة طعام لن تقصر أبداً في سبيل ذلك.

سنوات وأنا اشاهد مئات الفيديوهات التي توثق حملات إطعام ومساعدة اللاجئين والمحتاجين السوريين، المنظمات تفعل كل ما بوسعها لأخذ اللقطات التي تثير الرأي العام وتثبت للآخرين أنها تعمل في سبيل اللاجئين دون أي مراعاة لشعورهم، المهم بالنسبة لهم تحقيق الربح والجصول على الدعم مهما كانت الطرق والاساليب حتى لو على حساب كرامة اللاجئين.

قررت أن أفعل شيء ايجابي تجاه هؤلاء الناس الذين أشترك معهم ذات الهم وما كنا لنلتقي هنا في احدى دول النزوح لو ما جرى ويجري في بلدنا سورية.

فكانت فكرة أن نقدم وجبة افطار الغرض منها معنوي أكثر منها مادي وهي فكرة قمنا بتطبيقها في عامين سابقين

وهي أنني أقدمها للمستحق ليس على أنها الوجبة الرئيسية في افطار اليوم بل هي رسالة جبران خاطر بأن : يا يتيم او يا أرملة الشهيد أو يا ….انا اقدم لك شكر من المجتمع حتى لا تقول انهم نسوني ….صحة وهنا….أنت دوماً في البال

وتداولت الأمر مع صديقي أحمد بديوي ابن مدينة اللاذقية لأنه ذو خبرة بهكذا نوع من النشاطات والفعاليات الخيرية ذات المجهود الفردي .

الوجبات :

فكانت المرحلة الأولى هي سؤال أكثر من مطعم عن سعر الوجبة الفردية وماهيتها، فكانت الاسعار متفاوتة لأننا كنا نسأل عن سعر عشرات الوجبات ( يختلف هذا السعر عن سعر الوجبة في المطعم التي سيضاف اليها الخدمة والضرائب و….الخ ) ورغم التخفيضات التي وجدناها لكنها قياساً لتمويل فردي والمقدار المادي المتوّقع ( حيث كنا نتوقع دعم مالي من أصدقاء مغتربين) يعني ليس بالمبلغ الضخم الذي يسمح لنا بأن نأخذ الوجبات من المطاعم .

فكان قرارنا أن نقوم نحن بتجهيز الوجبات (طبخ منزلي) فكانت الوجبة مكونة من كمية من الفريكة عليها قطع من لحم الفروج مع شرائح الليمون وكأس من العيران مع القليل السلطة .وهي بتكلفة دولارين تقريباً أي أرخص بدولار مما وجدناه في السوق

اضافة لكوننا سنقوم  بأيدينا بعمليات التعبئة والتوصيل كي نوّفر أي ليرة قد يحتاجها المطبخ في اعداد الوجبات.

البيانات :

وبدأنا بعدها بجمع البيانات التي كان قسم كبير منها موجود مسبقاً عند صديقي واستطعنا الحصول على بيانات اضافية من خلال علاقاتنا الشخصية وهي من السوريين النازحين المتواجدين في انطاكيا .

فكانت البيانات أو الحملة تستهدف عوائل الشهداء من أرامل وأيتام والجرحى  ودور الجرحى والفقراء والمحتاجين .

لا أخفيكم أن العدد كبير مقارنة بما سنقوم به وهو كما أسلفت عمل فردي لا يتبع لأي جمعية او منظمة او هيئة

فريق العمل :

1- سعد الحيجي : 33 سنة . أعتبر نفسي مقسم بين مدينة الرقة كولادة وحياة وبين دير الزور كأصول ,

أعمل معلم مدرسة للأطفال السوريين في تركيا- انطاكيا اضافة لعملي الخاص في مجال الميديا .

2- أحمد بديوي : 38 سنة . من مدينة اللاذقية يعمل كمصور محترف .

3- ام خالد وهي زوجة شهيد تبرعت بطبخ الوجبات .

وكنت مع صديقي نضع اللمسات الاخيرة من تعبئة وتسجيل اسماء المستفيدين لهذا اليوم اضافة للتوصيل والتوزيع.

يعني فريق العمل مكوّن من 3 اشخاص فقط

انتشار الحملة :

بدأنا قبل اسبوعين من شهر رمضان بنشر الفكرة فقمت بتصميم بطاقة تعريفية عن الحملة ونشرها بمناسبة على الفيسبوك وشاركنا بالنشر كثيرين من الأصدقاء ,وبالفعل لاقت استحسان وردود ايجابية من كل الذين وصلتهم الفكرة حيث قمت بترويج المناسبة (ايفنت ) على الفيسبوك من خلال نشرها على صفحتي وارسال الدعوات والمراسلة لأغلب أصدقائي اضافة لنشرها على مجموعات الفيسبوك والواتس اب وكذلك الأمر فعل صديقي أحمد بديوي بالاضافة لكثيرين من الاصدقاء.

الدعم المالي :

هذا الاجراء (المناسبة على الفيسبوك) مكننا من الحصول على الدعم المعنوي وعلى مقدار من الدعم المالي من بعض الأصدقاء ضمن تركيا لكن القسم الأكبر كان من اصدقاء سوريين مغتربين خارج تركيا .

وفعلاً قمنا بتغطية ما يقارب 75 عائلة من أول يوم في شهر رمضان

العوائق :

1- العائق المالي (المقدار البسيط الذي استطعنا الحصول عليه من المتبرعين ) كان السبب في أننا لم نطبخ بشكل يومي اضافة لكوننا لا نقدم لذات العائلة الوجبات بشكل متكرر

فمثلاً : جهزنا 50 وجبة وبعد يومين جهزنا 50 وجبة أوصلناها لغير الذين استلمها في اليومين السابقين …وهكذا.

الجدير بالذكر أننا كنا نطلب من المستفيد أن يخبرنا قبل بوقت عدم حاجته للوجبة  في الموعد التالي

(ان كان معزوم على وليمة طعام أو مسافر أو ….) كي يأخذ الوجبة مستفيد آخر وبالتالي تنعدم امكانية الهدر بشكل كامل

فكل وجبة لها مستحقها بالاسم .

2- التوصيل : غالبية المستفيدين هم من ذوي الدخل المتدني جداً وبالتالي هم يقطنون في أطراف المدينة مبتعدين عن وسط المدينة نسبة لأن أجرة السكن في أطراف المدينة أدنى بكثير من السكن في وسط المدينة .

تعتبر مدينة أنطاكيا في تركيا مدينة صغيرة مقارنة بمدن في ولايات ثانية لكن أن يقوم شخصين بتغطية قسم من العوائل المستفيدة على كامل مدينة أنطاكيا هو أمر فيه صعوبة كبيرة حيث كنا نستخدم دراجة كهربائية ( متور كهربا ) لتوصيل الوجبات .

سهّل علينا الأمر في بعض الأحيان أن يقوم بعض الأصدقاء ممن يمتلكون سيارات بالتبرع بعملية التوصيل

وهو أمر يتبع عملية التبرع فأغلبهم يقول : لا أملك المال للتبرع في صناعة الوجبات لكني أتبرع بتوصيل الوجبات.

صعوبة التوصيل تكمن أننا يجب أن نوصل الوجبة ساخنة قبل فترة وجيزة من أذان المغرب يعني مثلاً : أذان المغرب الساعة 7:50 مساءاً فيجب أن تصل الوجبة للمستفيد في الساعة 7:45 تقريباً.

غالب الأحيان كان افطارنا هو الماء في الشارع لأننا نكون وقتها لازلنا نقوم بتوصيل الوجبات

التوثيق :

كان التوثيق عبر تصوير اعداد وتعبئة الوجبات فقط .

من الأمور الأساسية هي عدم اظهار المستفيد كما جرت العادة بعمل المنظمات والجمعيات العاملة في القطاع الخيري لأن تصوير المستفيد وهو يستلم وجبته فيه نوع من الاذلال الذي نرفضه بشكل قاطع

فمساعدة الأيتام والمحتاجين عبر تقديم وجبات لهم هو واجب علينا واحترامهم هو مقدّس

بعض الصور التي يظهر فيها الوجبات وورقة مكتوب عليها ( تم استلام مبلغ كذا بتاريخ كذا من السّيد/ة فلان/ة ) كنا نرسلها على الخاص لمن تبّرع – على الخاص فقط – كي لا يقال عن عملنا أنه باسم فلان أو علتان أو يحمل صبغة توجه أو أيديلوجيا معينة.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *