أخبار

النازحون من جبل الزاوية.. ما هي أحلامهم؟

يحمل محمد الموسى (29عاماً) ما استطاع من متاع وبعض أثاث منزله وينزح مع عائلته من قرية دير سنبل في منطقة جبل الزاوية باتجاه الحدود التركية، وذلك بعد تكرار استهداف البلدة بالبراميل المتفجرة والطائرات الحربية التي أدت إلى سقوط ضحايا ونزوح أغلب سكان المنطقة إلى مناطق شمال إدلب والمخيمات الحدودية.

الموسى كان يعمل معلم لمادة اللغة الإنجليزية في قريته، حيث أن منطقته كانت بمنأى عن القصف طيلة الحملات الماضية والتي تركز القصف فيها على ريف إدلب الجنوبي، ولكن مع تصاعد الحملة العسكرية الروسية بدأت قرى وبلدات جبل الزاوية تتعرض لقصف جوي ومدفعي مكثف.

يقول محمد الموسى لموقع أنا إنسان: “الطائرات الحربية والمروحية تقوم بقصف أغلب القرى في جبل الزاوية بشكل تدريجي، وذلك بعد سيطرتها على مناطق ريف معرة النعمان الشرقي ومنطقة خان شيخون وذلك بهدف الضغط على هذه المناطق من أجل إفراغها من السكان كما كانت مع المناطق التي تريد السيطرة عليها”.

وأضاف: “بسبب تأخر نزوح منطقة جبل الزاوية أثناء الحملات الماضية أصبح موضوع إيجاد منزل للإيجار أشبه بالحلم بسبب اكتظاظ النازحين من مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، حيث أن أغلب النازحين لا يجدون مأوى سوى في بناء خيام عشوائية على الحدود التركية أو إيجاد منازل غير مجهزة للسكن”.

ويشير إلى أن السكان في منطقة جبل الزاوية أغلبهم تحت خط الفقر بسبب غياب المصالح التجارية والصناعية حيث يعتمد أغلب الأهالي على الزراعة والوظائف، لذلك فإن القسم الأكبر لا يستطيع استئجار منزل يأوي أطفاله لذلك آثر قسم منهم البقاء تحت القصف بسبب الفقر”.

وقد وسعت القوات الروسية وقوات النظام السوري نطاق القصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة؛ حيث استهدفت بشكل مكثف مناطق ريف سراقب وقرى جبل الزاوية التي تضم آلاف المدنيين وتسببت في استشهاد وجرح عشرات المدنيين وخصوصاً في بلدة بليون في منطقة جبل الزاوية.

 

وبعد المجازر نزح آلاف المدنيين من هذه المناطق باتجاه الأوتوستراد الدولي والمجهول، حيث باتت عشرات العائلات دون مأوى في ظل الكثافة السكانية الهائلة الحاصلة في الشمال السوري، وعدم قدرته على استيعاب أي موجة نزوح جديدة بسبب استمرار الحملة العسكرية على مناطق مختلفة.

محمد أبو أسامة هو نازح من بلدة البارة في جبل الزاوية إلى المخيمات الواقعة في منطقة سرمدا بريف إدلب الشمالي وذلك بعد تعرض الحي الذي يعيشون فيه للقصف بالبراميل المتفجرة، ومقتل عدد من جيرانهم وتدمير واسع في ممتلكاتهم التجارية.

يقول محمد أبو أسامة لموقع أنا إنسان: “القصف على قرى جبل الزاوية كان مفاجئاً حيث قامت الطائرات الحربية والمروحية بحملة جوية مكثفة من أجل منع الأهالي من حمل أثاثهم والخروج إلى الشمال، ناهيك عن قيام طائرات الحربي الرشاش بتتبع سيارات النازحين على الطرقات واستهدافها بشكل مباشر”.

وأضاف:”اضطررنا للخروج ليلاً من البلدة قبل بزوغ الفجر خشية إقلاع الطائرات، حيث لم يبق في البلدة أكثر من 30% من السكان، فيما نزح قسم منهم باتجاه مناطق درع الفرات وغصن الزيتون والحدود التركية السورية ومناطق ريف إدلب الشمالي، التي لا تتعرض للقصف”.

ويقع جبل الزاوية بالجزء الشمالي من جبال الكتلة الجبلية الكلسية في شمال غرب سورية، ويتألف جبل الزاوية، أو جبل أريحا من كتلتين يفصل بينهما وادي قامت فيه حضارات قديمة ويقع في وسطها مدينة البارة الأثرية ويعتبر جبل الزاوية متحفاً للحضارات العريقة المتعاقبة، نظراً لما يحتويه من آثار الحضارات الرومانية والبيزنطية والإسلامية. 

 

ويحتضن جبل الزاوية على أراضيه ما يقارب 34 قرية و20 مزرعة، معظمها قرى صغيرة تتكون من عدد محدود جداً من المنازل، إلا أنها تشكل وحدة جغرافية وتاريخية، وأنماط عيشٍ متقاربة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة.

يقول جهاد أبو إسماعيل وهو مسؤول في مشروع الاستجابة العاجلة للنازحين أن: “بعد نزوح أكثر من 400 ألف إنسان من مناطق ريف حماة الشمالي وريف المعرة الشرقي باتجاه الحدود التركية، أصبحت الحاجة كبيرة ولم يعد بإمكان المنظمات الإنسانية تقديم أكثر من 20 بالمائة من احتياجات النازحين بسبب شح الدعم الإنساني”.

وأضاف بأن “منطقة جبل الزاوية تحتضن أكثر من 300 ألف إنسان ومع نزوح قسم منهم أصبح الوضع كارثياً بسبب امتلاء دور الإيواء وحتى المساجد، وعدم وجود مشاريع طوارئ تساعدهم وتخفف معاناتهم حيث أننا أم سيناريو كارثي إذا لم يكن هناك تدخل دولي لمواجهة حجم الكارثة الإنسانية”.

 

ويشار إلى منطقة جبل الزاوية تضم العديد من المدن والقرى منها ذات البعد التاريخي، أهمها: كفرلاتا، احسم، البارة، الرويحا، مجليا، سرجيلا، كنصفرة، جرادة، باعودة، دانا الجنوبية، سرجة، دير سنبل ،أرنبة، وبليون ويعتمد سكانها على زراعة الكرز والزيتون في معيشتهم.

 

أيهم الشيخ

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *