الرياضيات واللغة العربية فضيحتان في امتحانات «البكالوريا»
أثناء امتحانات الشهادة الثانوية (البكالوريا) فوجئ طلاب الشهادة الثانوية العامة بعدد من الأسئلة من خارج المنهاج الدراسي، ما جعل عدداً كبيراً منهم يقع في الخطأ، أو ينسحب، أو ينتظر منحة الإكمال. المشكلة ليست هنا، عدة أيام بعد الامتحانات كشفت عن عملية غش واحتيال في بيع بنك الأسئلة، من قبل أشخاص معروفين دون أن تحرك وزارة التربية العتيدة ساكناً.
أولى المفاجآت التي هزت أركان الأسر الغارقة في الديون والتعب نتيجة سياسة التعليم التعجيزية، ظهور منشور لأحد مدرسي مادة الرياضيات في دمشق والذين يتمتع بالمصداقية والاحترام، كشف من خلاله إحدى الألاعيب التي ذهب ضحيتها آلاف الطلاب، حيث قال: «في يوم امتحان الرياضيات للثالث الثانوي العلمي، تفاجأنا بورود أسئلة من خارج الكتاب ضمن أسئلة الامتحان، مطابقة تماماً لنوطة تم توزيعها في بعض معاهد دمشق على شكل جلسات امتحانية قبل الامتحان بأيام قليلة، وتم تداولها على مواقع التواصل. وبعد البحث والتدقيق، حصلنا على كثير من المعلومات تؤكد أن بنك الأسئلة مع اسئلة الامتحان قد تم بيعها من قبل موجهين اختصاصيين في الوزارة (معروفين بالاسم)، لمجموعة من الأشخاص (معروفين بالاسم) بمبالغ نقدية (معروفة بدقة)».
وأكد خضرة أن من قام بتلك الجلسات الامتحانية حصل على مبالغ فلكية، كما أن دخول الطالب إلى صالة الأفراح التي أعطيت بها الجلسة كلفه 12000 ليرة، حيث أعطيت الجلسات في 9 مواقع على الأقل ضمن مدينة دمشق.
كما عاد وأكد المدرس في نفس المنشور أن مدرسي مادة الرياضيات علموا بالقضية بعد أن نشرها في مجموعات مغلقة، وقدم الكثير منهم شكوى خطية للوزارة مؤيدة بالأدلة الدامغة. وانتظر الجميع أن تأتي تلك الشكاوى بتصريح على الأقل، لكن ذلك لم يحصل، وصدرت النتائج دون أي كلمة من قبل الوزارة.
وقد تم تداول المنشور بين مدرسي الرياضيات لدعم زميلهم؛ على الرغم من علمهم وتحذيرهم أن هذه المعلومات والتسريبات سوف يعاقب عليها، وعلى حد تعبير أحد زملائه أن هناك ضباع كبيرة سوف تنهشه، لكن الرجل قال إن هذه الضباع صغيرة.
وأستاذ الرياضيات في نهاية معركته: «نحن إذ ننشر هذا فهو لحرصنا على مصلحة أبنائنا الطلاب، ولحرصنا ألا يتكرر ذلك، ولأننا علمنا أن كل الفاسدين الذين شاركوا في التسريب مازالوا على رأس عملهم».
واعتبر أن هذا المنشور بمثابة شكوى مقدمة للوزارة على الملأ، لأن أسلوب الشكاوى الماضية لم يجد نفعاً. محذراً من أن أولئك الـ (معروفين بالاسم) لا مانع لديه ولا خوف من ذكر أسمائهم في المرحلة التالية في حال لم يتم المحاسبة.
وفي السياق ذاته قال عدد من المدرسين أن النوطة نفسها التي تم توزيعها بدمشق شملت على معلومات خاطئة تماماً في محور مهم وأكملوا الخطأ بأن جعلوه صحيحاً في سلم التصحيح كي لا تضيع العلامات على من دفع لهم المال، وقد جاء ذلك في طريقة دراسة الوضع النسبي مع المماس كما أكد أحد المدرسين الذي نتحفظ على اسمه حتى لا يتم صرفه من العمل كما زملائه السابقين فحلوها بطريقة ناقصة.
وبشّر أحد المدرسين أيضاً؛ بأن أصحاب النوطة قد اكتسبوا دعاية مجانية من أجل العام القادم بسبب انتشارها، حيث تضاعفت الجلسات المشبوهة بعد جلسة الرياضيات، وتضاعف عدد متابعيها، وبإمكان أي شخص التحقق من صفحاتهم التي تضج بالطلاب الذين لم يعد لديهم حلول.
وكانت المادة الثانية التي اعترض عليها موجهين اختصاصيين من داخل الوزارة نفسها؛ هي اللغة العربية، حيث قرر مصححي محافظة حماه اعتماد سلم تصحيح خاص بهم، بعيداً عن سلم الوزارة، فضاع على طلاب ريف دمشق علامات مجانية، حيث اكتشف ذلك موجه اختصاصي ضاع على ابنه أربع علامات لا يمكن أن تضيع، فلاحق الموضوع بدقة، واكتشف اللعبة التي أخرجت طلاب ريف دمشق من معادلة التميز، ولا يمكن الرجوع عنها على الرغم من معرفة الوزير الشخصية بالموضوع.
فضيحة الرياضيات التي انتشرت؛ كان هدفها مادياً في الظاهر، حيث يقال في المجموعات المغلقة أن المبالغ المادية التي صرفت من أجل سرقة بنك الأسئلة تقدر بمئات الملايين، وأن الأمر كان لمواد أخرى لم يتم الكشف عنها بعد، لكن الحديث عن 34 طالب نجحوا في السنة الماضية بامتياز عن طريق الغش وشراء الذمم لم ينته بعد، فهؤلاء دخلوا السنة التحضيرية الطبية، وأخذوا مكان طلاب آخرين لم يستطيعوا تحقيق حلمهم، ولكن المفاجأة برسوب 32 طالب منهم بشكل يدعو للسخرية، وعلق أحد المتابعين للقصة بأن هؤلاء 32 طالباً هم من قادة الدولة والمجتمع الجدد.