حل مشكلة السوريين في تركيا

وائل موسى – خاص ” أنا قصة إنسان”

توضيح خاص عن مشاكل اللاجئين في تركيا مع حسابات البنوك.

يعيش الكثير من اللاجئين في تركيا حالة قلق وحيرة حول عدم تمكنهم من فتح حسابات بنكية جديدة، أو خشية من الحجز على الأموال الموجودة في الحسابات التي سبق وتم فتحها دون الحصول على إقامة رسمية، ولأهمية الموضوع وحساسيته انتشر عدد كبير من الأقوال المتضاربة والإشاعات، مما استدعى توضيح العديد من الأمور المرتبطة في هذه القضية.

تستقبل تركيا عدد كبير من اللاجئين من عدة دول إلا أن أعداد اللاجئين السوريين هو الأكبر، حيث يتواجد حوالي 1.9 مليون لاجئ سوري في تركيا بحسب خبراء، 14% منهم يتواجدون ضمن المخيمات، ويتوزع البقية على كافة الولايات.

مع هذا العدد الكبير من اللاجئين الذين يعيشون في المدن، كثيرين منهم بحاجة لحسابات بنكية لتسهيل أمور حياتهم وأعمالهم وتأمين أموالهم (إن وجدت)، وبسبب عدم توفر إقامات رسمية لم يكن من السهل عليهم فتح حسابات بنكية، “كويت ترك” أحد أهم البنوك التي يسرت للاجئين فتح حسابات دون توفر إقامة رسمية، واعتمدوا بذلك على توثيق مكان الإقامة في البلد الأم، المسجل على الهوية الشخصية.

بعد تفجيرات باريس انتشر بين اللاجئين أقوال عن قرارات جديدة من بنك “كويت ترك” حيث أوقف البنك فتح حسابات للسوريين أو العراقيين (لاجئين بشكل عام) بدون وجود إقامة رسمية، أما عن الحسابات المفتوحة مسبقاً وفي حال لم يتمكن صاحب الحساب من توثيق إقامته سيتم حجز حسابه، كما أنه لم يعد بإمكان أصحاب الحسابات من سحب أموالهم عبر فروع البنك، بينما تستمر الصرافات الآلية في العمل بشكل طبيعي، إلا أنها مقيدة بحدود لا يمكن تجاوزها.
أثارت هذه الأقوال والشائعات مخاوف أصحاب الحسابات، مما دفع الكثيرين لسحب أموالهم من بنك “كويت ترك”، ورغم أني واحد من اللاجئين وأمتلك حساب بنكي لدى بنك “كويت ترك”، إلا أنني لم أقتنع بهذه الادعاءات بدون أدلة واضحة، وقرأت على صحف عربية بعض المقالات التي تناولت هذه الأقوال وبدون أي توضيحات تؤكد أو تنفي أو تعلل أسباب ما يجري، لفت انتباهي أيضاً إعلانات على فيسبوك عن مكاتب خدمات (تأمين جوازات سفر مزورة و … نصب واحتيال)، سارعوا في الإعلان عن خدمتهم الجديدة في تأمين الإقامة السياحية للاجئين بتكاليف ميسرة على حد زعمهم كنوع من العمل ((الإنساني))، رغم أن ذلك متناقض مع قانون الحماية الدولي الجديد في تركيا والتي تعمل على تطبيقه منذ بضعة أشهر.

اضطررت للتقصي والبحث حول هذه القضية بجهود شخصية وتوجهت لزيارة بنك “كويت ترك” فرع الفاتح، وأجريت عملية سحب مبلغ، تمت العملية بدون أي مشاكل، عندها سألت الموظفة التي تتحدث اللغة الإنكليزية بشكل جيد حول وجود أي قرارات جديدة تخص السوريين، قالت: “سمعت ما يتداوله السوريين حول هذا الموضوع، أغلب ما يقولونه خاطئ، نحن لن نقوم بالحجز على أموال أحد ولا يحق لنا منعهم من سحب أموالهم، كل ما هنالك أننا بحاجة لإثبات إقامة رسمي وهذا مطلوب من جميع البنوك، يوجد مهلة حتى تاريخ 18/2/2016 لتقديم إقامة رسمية وإثبات مكان الإقامة، بعد هذه المهلة لن يتمكن أصحاب الحسابات من إجراء أي معاملة سحب أو إيداع أو تحويل، يمكنه فقط طلب إغلاق الحساب وسحب كامل رصيده”. أما عن نوع الإقامة المطلوبة قالت: “المهم أن تكون إقامة رسمية من الحكومة”، هذه الأسئلة أجدها كافية بالنسبة لي، وللتأكد من خلال تفقد موقع بنك “كويت ترك” وجدت أن الأوراق المطلوبة لفتح حساب مصرفي مقسمة على ثلاثة أنواع من العملاء:

• المواطنين المقيمين في تركيا
• الأجنبي المقيم في تركيا
• الأجنبي الغير مقيم في تركيا

الأنواع الثلاثة تطلب وثيقة تثبت عنوان الإقامة، والفارق الوحيد بين المواطن والأجنبي المقيم هو الطلب من الأجنبي وثيقة شخصية رسمية (جواز سفر/هوية).

هذه المعلومات قديمة لتوضيح المطلوب لمن يرغب في فتح حساب، وأذكر جيداً أنني في أول محاولاتي لفتح حساب بنكي في تركيا توجهت في البداية إلى بنك “زراعات” ثم بنك “البركة” واستمر تنقلي بين كافة البنوك إلى أن نجحت في فتح حسابي في بنك “كويت ترك”، السبب لم يكن انتقائي للبنك ولم يرفض أي بنك فتح الحساب كوني سوري، لكنني لم أكن قادر على تلبية طلبهم الأساسي (وثيقة إثبات عنوان الإقامة) وذلك لأنني لا أمتلك إقامة رسمية.

إذاً الموضوع ليس كما يتم تداوله على أنه قرار جديد، إنما هوة تراجع عن التراخي في تطبيق القوانين المتعارف عليها من قبل كافة البنوك، وخصوصاً بعد تزايد المخاوف من استغلال هذا التساهل في فتح حسابات لتمويل أفراد قد ينتمون إلى تنظيم (داعش).

طلبت من بعض أصدقائي ممن يستطيعون التحدث باللغة التركية أن يقوموا بزيارة مقر القائم مقام وطلب وثيقة تثبت مكان الإقامة، قال الموظفون أنه بالنسبة للاجئين يمكنهم الحصول على هذه الوثيقة إن كان لديهم إقامة تبدأ برقم 99 ويجب أن يحصل عليها من مركز الإقامات المؤقتة الخاصة بالأجانب “geçici ikametgah”، هنا تكمن كل القصة.

حصل اللاجئين على بطاقة تعريف “كملك” يبدأ أولها برقم 98، وهذه البطاقة كانت عبارة عن ورقة عادية تم مطبوع عليها معلومات البطاقة وذلك بغرض تسجيل اللاجئين لتنظيم أوراقهم قانونياً، وتم التوضيح في وقت سابق عن أن صدور البطاقة الرسمية التي تبدأ برقم 99 سيتم قريباً وستكون بطاقة بلاستيكية، كما أنه بات من الممكن التعرف على رقم البطاقة الجديد من خلال موقع رسمي للحكومة التركية.

أما ادعاءات البعض أن الإقامة يجب أن تكون سياحية، فهي محاولة لاستغلال اللاجئين من قبل بعض السماسرة، وبذلك يحولون اللاجئ إلى (لاجئ سياحي) لتحقيق بعض المكاسب المالية على حساب احتياجات اللاجئين.

إقامة اللجوء بحسب قانون الحماية الدولي الذي تم توقيعه منذ أكثر من سنة وبدأ العمل فيه من ستة أشهر تقريباً، يمنح اللاجئ حقوق واسعة، منها الضمان الصحي وتسجيل الأطفال في المدارس وتسجيل حالات الزواج والطلاق والولادات وغيرها الكثير، ومن الأفضل لكافة اللاجئين أن يتعرفوا على حقوقهم القانونية بدلاً من اللجوء إلى الصفحات التي تحتوي على الكثير من الإشاعات والاعلانات.

سأحاول خلال الأسبوع القادم نشر تحديثات حول موعد صدور الإقامة الرسمية وكل ما يتعلق بها إن شاء الله.