أخبار

خفايا النصرة من لسان مؤسسيها – الحلقة الأولى

يوسف أبو خليل  – خاص أنا إنسان

 ” نستعرض في هذا التحقيق وعلى مدى عدة حلقات أهم الأحداث لمجريات ماقامت به النصرة ضد الثورة السورية منذ فترة التمكين على حد قولهم وحتى هذه اللحظة”

الحلقة الأولى:

“الأمان، القضاء على المفسدين وتجار الحرب ألا يستحق الثناء؟ أم أنكم ترون بعيون أصابها الرمد وتحاولون إخفاء الشمس بغربال!، لكن الله متمم نوره ولو كره الكافرون“.

كان أبو صلاح يقصدني وأمثالي بكلامه هذا، فنحن من نحاول التفكر والتعقل وحساب النتائج، وهذا ما يكرهه بأمثالي. فهو الذي يفسر القرآن والسنة بما يتناسب مع الظرف والمكان والحالة التي تقتضيها المصلحة؛ دون السماح بأي نقاش أو تعقيب. (أما بالنسبة للأمان: فأعتقد أن المقارنة ترجح كفة نظام الطاغية قبل الثورة، وبالنسبة للقضاء على المفسدين وتجار الحروب كما تسميهم فمازلت أبحث عن سبب منطقي يقنعني بارتفع سعر ليتر المازوت من 60 ليرة الى 140 !! فهل لك بتفسير؟, هذا من جهة ومن جهة ثانية أليس الأولى قتال الصائل على النفس من قتال الصائل على المال كما هو معروف شرعاً؟). ردُ أصاب أبو صلاح بنوبة هستريا كادت أن تنتهي باصدار أمر قضائي يقضي باعتقالي؛ لولا تدخل الحاضرين وأحد القضاة السابقين ذو السمعة الطيبة والأتباع الكثر.

نموذج لنقاش بسيط في جلسة مطولة مع الشيخ أبو صلاح رئيس المحكمة الشرعية في دركوش وواحد من أصل خمسة لأعلى شرعيي النصرة في الشمال السوري عام 2014.

كان لا بد من هذه المقدمة؛ للغوص بتفاصيل حياة “النصرة” وأسلوبها واستراتيجيتها في فرض سيطرتها على المناطق المحررة، وللوصول الى فهم أفضل للنصرة كان لا بد من استرجاع أهم الاحداث التي قامت بها منذ فترة التمكين “على حد قولهم” وحتى وقتنا الحالي.

استراتيجية التقية لتعاظم النفوذ.

استراتيجية الجولاني بالتعامل مع الواقع كانت بتجنب الأخطاء التي وقع بها قادة داعش ووممارسة التقية في التعامل مع الفصائل المسلحة والمدنيين وحتى تنظيم داعش. بداية عام 2014 بدأت شرارة المعارك تستعر بين الجيش الحر وتنظيم داعش في ريفي ادلب الغربي وجبال الساحل السوري “الأكراد والتركمان” والذي انتهى بانسحاب التنظيم من المنطقتين وتسليم كافة الاسلحة الثقيلة والمقرات العسكرية لـ “جبهة النصرة”، التي كانت تسعى لتكون الرابح الاكبر من تلك المعارك حسب كلام أس الصراع بالشام “أحد قياديي النصرة آنذاك” حيث ذكر بأنه حاول إقناع الجولاني بدخول المعركة ضد داعش إلا أن رد الجولاني كان بالتريث طالما أن الطرفين بعرف الجولاني هم أعداء, فإن استمرار المعرك يضعف الطرفين ويقوي جبهة النصرة. اختفت داعش من المنطقة خلال ليلة واحدة بطريقة لا تزال غامضة حتى اللحظة؛ تاركت كل مقراتها وسلاحها الثقيل لتنظيم النصرة, فربح الجولاني غنائم معركة لم يخضها, وأضعف ألد خصومه من المعتدلين والمتشددين، وأسكت الى حد بعيد الكثير من الاصوات ضمن صفوف النصرة خاصة “المهاجرين وبعض قادة الصف الثاني والثالث” بمؤازرة داعش ضد المرتدين والصحوات على حد وصفهم.

حرب على المفسدين أم كسب ود المهاجرين؟

بعد عدة أشهر شنت النصرة حملة عسكرية كبيرة على كتائب “الجيش الحر” في ريف ادلب الشمالي الغربي فكانت البداية اقتحام مقر لواء ذئاب الغاب بمنطقة “دركوش، وانتهت الحملة بسيطرة “جبهة النصرة” على مدينتي دركوش وحارم وكامل القرى المتواجدة بينهما، لتصبح أغلب مناطق ريف “ادلب” الشمالي الغربي تحت سيطرة “جبهة النصرة”، متجنبة الأخطاء التي وقعت بها داعش ومستفيدة آنذاك من حاضنتها الشعبية في المنطقة والتي رأت بعمل “جبهة النصرة” (قضاء على بعض مفسدي الثورة وتجارها”). يقول أبو عمر “اسم مستعار”  وهو أحد قادة الصف الثالث في جبهة النصرة: “عدم مساندة الدولة الاسلامية بحربها ضد الفصائل ولّد عند الأخوة بعض الاحتقان والغليان، فنحن أولاد البيت الواحد والمنهج الواحد, وكلنا يعلم أنه من واجبنا الشرعي مساندة إخوتنا في الدولة, إلا أننا اكتشفنا حكمة الشيخ الفاتح “الجولاني” بعد انسحاب الدولة من المنطقة وترك المقرات والسلاح الثقيل لنا, واكتملت فرحتنا عندما وصلتنا التعليمات بالقضاء على المرتزقة واللصوص والمفسدين امثال ذئاب الغاب وجبهة تحير سوريا والمجلس العسكري وغيرها، أي الفصائل التي حاربت الدولة, واكتشفنا لاحقا الحكمة والإلهام الإلهي للشيخ الفاتح بعدم مساندة تنظيم الدولة (الخوارج)”.

استطاع الجولاني ضرب عدة عصافير بحجر واحد، أولها زيادة ملحوظة بحاضنته الشعبية، وثانيها رسالة مبطنة الى الخليفة البغدادي مفادها هدفنا واحد وسلاحنا واحد وعدونا واحد, ثالثها رسالة الى الفصائل العسكرية مفادها “أي فصيل سيحاول التغريد خارج السرب “السلفي القاعدي” مصيره الزوال. وأخيرا والأهم هو السيطرة على الشريط الحدودي التركي من مدينة دركوش الى مدينة حارم وهو ما كان يعتبر ثروة  للجهة المسيطرة, وهذا ما اكده الدكتور حذيقة عبد الله عزام من خلال شهادته حول الاحداث في المنطقة حيث يقول:

 “لماذا اختارت النصرة الاستيلاء على الشريط هل بقصد محاربة الفساد والفاسدين؟! أم أنها بعد عزمها على إنشاء اﻹمارة وإعلانها بدأت بإيجاد متطلباتها على اﻷرض وهي منطقة واحدة متصلة -وهي في هذه أفادت من تجربة داعش- أي إيجاد منطقة مركزية لها تجمع فيها قواها وتكون منطلقا لها, هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن هذه المنطقة تدر أرباحاً يومية من تهريب المازوت تقدر 125 ألف دوﻻر”.

معارك السلطة والغنيمة وزيادة النفوز.

لم تكد تنتهي أحداث قتال واستأصال جبهة ثوار سوريا حتى بدأت النصرة حملة على حركة حزم بدعوى أنهم آزروا جمال معروف بينما الواقع  يقول أن حركة حزم كانت قوات فصل بين المتقاتلين ولم تؤازر أي طرف، بحسب شهادة د حذيقة عزام “أحد الباحثين عن حل ينهي سفك الدماء بين الطرفين آنذاك”, حيث قال: ” سرعان ما نزلوا من جبل الزاوية إلى خان السبل واقتحموا مقر حركة حزم والتهمة هذه المرة الفصائل التي آزرت جمال معروف، فقد طوي ملف الفساد والفصائل الفاسدة واﻵن ﻻ بد من البحث عن علل ومبررات جديدة فحركة حزم ليس فيها فساد ولكن كانت التهمة جاهزة فأبو عبدالله الخولي كان من المشاركين في قوات حفظ السلام والفصل بين المشتبكين وأوقف أرتال المؤازرة القادمة للطرفين من أجل تطويق اﻷزمة”.

انتهت العملية بتفكيك حركة حزم ومصادرة سلاحها وأموالها واعتقال قائد الحركة أبو عبد الخولي بعد إعطائه عهد وميثاق الله بعدم اعتقاله!.

يتبع…..في الحلقة القادمة

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *