أخبار

درعا والقنيطرة … تطورات تمهد لانفجار الوضع مجدداً

ذاب عناصر تنظيم داعش داخل القرى والبلدات في الجنوب السوري بانتظار ساعة الصفر، متكئين على بيئة قابلة للانفجار في أي وقت، فيما يتحسر أهالي عدد من البلدات لعدم قبولهم الرحيل إلى إدلب، بعد أن اكتشفوا خيبات التسوية، داعين للثورة من جديد، وحمل السلاح.

بالمقابل يعيش الموالون مرارة المصالحات، والتمييز في المعاملة بينهم وبين الفصائل المعارضة التي تمارس دور السيد المنتصر في ظل الشرطة الروسية.

وبين هنا وهناك، يبرز حدثين قد يعيدا عقارب الساعة إلى الخلف، في ظل القبضة الأمنية للمخابرات والحواجز التابعة للحكومة السورية بمناطق معينة، وفي العلاقة مع الروس بمناطق أخرى، وبينهما عناصر داعش الذين تبخروا بين المدنيين.

الأخبار القادمة من القنيطرة تؤكد أن الدواعش لن تقوم لهم قائمة في المنظور القريب ما لم تكن الظروف مهيأة، لكن إن بقيت القبضة الأمنية والحواجز على هذه الوتيرة من التصرفات الخانقة والرافضة نفسياً للتسويات والمصالحة، فإن الأمور تسير نحو الانفجار في أي لحظة، حيث بدأ الناس بالتجهيز لعودة المظاهرات، وإخراج السلاح، لاعتقادهم أن أيام الثورة كانت أكثر ازدهاراً لهم وحرية رغم القصف والموت، وأن اتفاقيات التسوية هشة، ولم تعطهم ما كانوا يرغبون به، خاصة لجهة أبنائهم الرافضين للتجنيد. فحالات الاعتقالات الفردية للشبان الداخلين في التسوية على الحواجز -على الرغم من أنها تتم بنطاق ضيق- بدأت تثير الريبة، رغم أن “الشرطة الروسية” تحل القضية فوراً بعد لجوء المواطنين إليها باعتبار “الروس” هم الضامن، وهو ما خلق حالة من الحقد والكراهية بين المواطنين والأجهزة الأمنية.

يقول “عمران محمد” أنه شهدت الأيام الماضية نصب حواجز طيارة لفرع “مكافحة الإرهاب”، وتم اعتقال شبان دون معرفة الأسباب، فالتسوية لا تشمل الدواعش وعملاء “إسرائيل”، لكن هناك من يتم اعتقاله بهذه الحجج، وهم لا علاقة لهم بشيء، ما يجعل الوضع يزداد تعقيداً. نحن لا نكره أحد، لكن الحواجز تعاملنا على أننا أعداء.

بعد التسوية والتحاق المسلحين بالفيلق الخامس، بدأت تصرفات عناصر الفصائل المسلحة مع الموالين للحكومة السورية تثير الغضب، فنشأت الخلافات في هذه المناطق مع الروس منذ البداية، وهناك إشاعات كبيرة عن تجاه الروس لحل الفيلق بالمنطقة الغربية، فالمواطنين بدأوا بالغليان أكتر من قبل، والمؤيدون باتوا يشتكون علناً، ومنهم من ترحم على أيام الثورة، ويعد العدة لعودتها، فالسلاح جاهز.

واستمرت الدعوة للتظاهر في عدد من البلدات داخل محافظة درعا رفضاً للتسويات والمصالحة، كان آخرها هذه الجمعة، في صورة لما كان عليه الحال العام 2011، خاصة في “درعا البلد” التي قام المحافظ برفع العلم السوري على أحد أبنيها يوم الخميس رغم علمه المسبق بعدم قدرته على التجوال وحيداً فيه.

أما في “طفس” فالوضع يزداد تفاقماً مع رفض الأهالي للمصالحة مع الحكومة السورية، وتبدو حتى اللحظة وكأنها دولة مستقلة يمنع على الجيش السوري دخولها، وقد دعوا يوم الجمعة لمظاهرات ضد الحكومة، تحت راية العلم الروسي الذي يرفرف فوق الأبنية العالية حتى اللحظة.

وعلى الرغم من التظاهر بأن “درعا البلد” قد عادت إلى حضن الوطن، إلا أن ذلك بعيد جداً عن الواقع، فلا يستطيع أي عسكري سوري دخول الحي الكبير، ولن تكون الأجهزة بمأمن من الخطر في حال حاولت نصب الحواجز.

والذي يجعل النار قريبة للاشتعال تصرفات عناصر الفصائل المعارضة الداخلة في التسوية، خاصة عندما يذهبون إلى أحياء درعا ويستفزون الموالين بسياراتهم المسروقة، أو تلك التي لا تضع النمرة النظامية دون أن يستطيع أحد إيقافهم.

يقول أحد النشطاء في “مدينة درعا” أن الدعوة للتظاهر دائمة هنا، والسلاح الفردي ما زال منتشراً بأيدي الجميع، ومخبأ في البيوت، هماك شروط لم تنفذ حتى اللحظة، وأهمها ملف المعتقلين، وهو ملف كبير ومهمش حتى الآن، هناك أشخاص كتب فيهم تقارير كاذبة منذ سبع وثماني سنين، وما زالت في المعتقلات دون معرفة مصيرهم، وهناك من يتحدث عن موتهم تحت التعذيب في أقبية النظام، ولم تسلم جثته إلى أهله، أو حتى ورقة بوفاته.

أما فيما يتعلق بالتجنيد والإشاعات عن اعتقال الشبان الداخلين بالتسوية، وجرهم للسوق، فقد نفى عدد كبير من أهالي درعا ذلك، بل على العكس، فالداخلين في التسوية، والحاملين لبطاقتها باتوا أسياداً يروحون ويجيؤون دون حسيب أو رقيب وكأنهم سادة عصرهم، أما الموالين فهم يقعون بقبضة الحواجز كأنهم دواعش، حيث يتم تفتيشهم وتفييشهم.

يقول أحد عناصر الدورة 102 المسرحة: بعد خدمة ثماني سنوات يتم تفييش هويتي كل يوم، وأقف على الحواجز كالمجرم، بينما الحامل لبطاقة التسوية كأنه حامل لهوية أحد فروع المخابرات.. كم أتمنى أن أسوي وضعي.

المعلومات القادمة من “طفس” ودرعا البلد”، وبنسبة أقل بصرى الشام معقل “أحمد العودة” وشباب السنة تؤكد أنه من الممكن بأي لحظة أن تنتهي المصالحة بالنسبة لهم، على الرغم من التواجد الروسي، والحماية التي أسبغتها الدولة المحتلة للجنوب على هؤلاء، فهم يعتقدون بأنهم كانوا أكثر هيمنة وقدرة من الآن، وكان لهم قيمة وسطوة قبل المصالحة، ويعلمون بما يتحدث عنهم أهالي المحافظة كونهم مرتزقة لصالح الروس.

الوضع الاقتصادي الخانق، وذهاب شبان المحافظة باتجاه التجنيد الإجباري والفرقة الرابعة والفيلق الخامس، يجعلهم طعماً سهلاً للموت في أماكن بعيدة عن بيوتهم ومحافظتهم، ولكن التمييز في المعاملة، والابتزاز والحواجز وقضية المعتقلين، تجعل الظروف مهيأة بأي لحظة للعودة إلى الوراء.

سامر النجم أبو شبلي

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *