أخبار

سجن خاص للنساء الأرامل في لبنان

مايا كريمة

اخترتُ العيش في مستودع لايصلح للسكن فهو أفضل من العيش في السجن الذي كنت أعيش فيه، حيث مورست بحقنا أنواع مختلفة من الذل والتحكم بكل تفاصيل حياتنا تحت اسم الدين، وهناك لا يحق لنا الاعتراض على أي شيء وعند أول خلاف مع المشرفين داخل المجمّع يتم اتهامنا بسوء أخلاقنا وطردنا وهذا الأمر الذي أجبر الكثير من النساء الموجودات في المجمّع على الصمت والرضوخ لتصرفات القائمين عليه.

هذه المقدمة لـ “أم محمد” وهي لاجئة سورية اختارت ترك “مجمّع الأبرار” الموجود في مدينة طرابلس والعيش مع أطفالها داخل “مستودع” لا يصلح للسكن والعمل في مجال “الخياطة” لتلبية احتياجات أطفالها بسبب الضغوط التي مورست عليها أثناء إقامتها في المجمّع.

“أم محمد” تحدثت لـ (أنا إنسان) عن سوء المعاملة داخل المركز وعن إجبار النساء على تطبيق قوانين قاسية وخانقة، بالإضافة إلى التحكم حتى في طريقة لباس الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن الخمسة عشر عام وكأنهم داخل سجن عداك عن منع النساء من الخروج من المركز إلا بطلب مُسبق، وتحدثت عن سرقة المشرفات للمواد الغذائية التي تقدمها بعض الجمعيات الخيرية للنساء حيث يتم جمع النساء أمام مندوبي الجمعيات الداعمة ويتم تسليم الحصص الغذائية للنساء وبعدها تطلب المشرفات من النساء الذهاب إلى غرفهن بعد تقديم الوعود الكاذبة بأن الحصص سيتم إيصالها إليهن،  وتحدثت عن الكثير من حالات التسمم التي تصيب الأطفال بسبب سوء الغذاء، وقالت: “الكثير من النساء مجبرات على العيش في ظل هذه الظروف القاسية ويرغبن في ترك المركز ولكنهن غير قادرات بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة”.

نظراً لعدم توفر معيل لهن فقد أُجبرت الكثير من النساء الأرامل اللواتي نزحن إلى لبنان على العيش في مجمّعات سكنية أشبه بالسجون، من حيث طبيعة السّكن والمعاملة القاسية التي يتعرضن لها من قبل العاملين على إدارة هذه المجمَعات والتي تعود اداراتها إلى اشخاص من الجنسية السورية, وأحد أهم وأكبر هذه المجمعات هو “مجمع الأبرار” الذي يتكون من مبنيين المبنى الأول مكانه في منطقة “أبي سمراء” في شمال لبنان في مدينة طرابلس والثاني أيضاً في طرابلس في منطقة “رأس العين”،  هذه المراكز يعيش فيها الكثير من النساء الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن بسبب الحرب الدائرة في  سوريا ثم هربن من جحيم الحرب إلى جحيم آخر لا يقل قسوة عن جحيم الحرب في بلدهن.

سيدة أخرى في المجمع طلبت عدم الكشف عن اسمها، قالت:” نحن هنا في سجن حقيقي، ولو وجدت مكاناً آخرَ للسكن فلن أتردد لحظة واحدة في الانتقال، لكن لا يوجد فرص عمل ولا معيل، فأنا لا أفهم سبب عدم السماح لنا  بالخروج حتى على سبيل زيارة الأقارب أو حتى أخذ الأطفال في نزهة خارج المجمّع، وللأسف يوجد بيننا جاسوسات يعملن لأصحاب المجمّع ويوصلن لهم كل الأحاديث التي تدور بيننا وأحياناً يتم توبيخنا بسبب محادثات نجريها عبر برنامج الواتس آب مع أقارب لنا نتحدث خلالها عن وضعنا في المركز ويعتبرون أننا نسرب معلومات وهذا الأمر غير مقبول بالنسبة لأصحاب المجمّع”.

هذه المجمعات تكفلت بتقديم العون للنساء الأرامل في لبنان، وتأتيها المساعدات المالية والغذائية من عدة جهات لأجل الاستمرار في إعالة النساء، لكن بعضها فرض شروطاً وصلت إلى تحويل هذه المجمعات إلى سجون حقيقة للنساء ومنعهن من الخروج والحركة إلا بإذن مشروط، مع تهديد بالطرد في حال الاعتراض من قبل النساء على تجاوزات المشرفين في المجمّع، حيث يتم أحيانا تشويه سمعتهن ولصق اتهامات تجاه سلوكهن.

هناك إهمال تتعرض له المرأة السورية اللاجئة من قبل منظمة الأمم المتحدة المعنية بحماية اللاجئين في لبنان ،حيث تم حرمان الكثير من النساء من الدعم الغذائي والطبي والخدمات التي كانت تقدمها سابقاَ المنظمة لهن مما أجبرهن على طرق أبواب المنظمات التي تعمل على استغلال حاجاتهن، كما يتوجب على الأمم المتحدة إعادة النظر بأوضاع هؤلاء النساء وتقديم الدعم لهن من أجل حمايتهن من جميع الأخطار التي يتعرضن لها وتأمين احتياجاتهن واحتياجات أبنائهن.

ملاحظة : جميع النساء اللواتي قدمن شهادات في المادة رفضن التصريح عن أسمائهن الحقيقية، خوفاً من الطرد من المجمع لعدم وجود بديل يأويهن وبالتالي فإننا نتحفظ عن ذكر أسمائهن الحقيقية، كما أن باب الرد مفتوح لإدارة مجمع الأبرار للرد على الشهادات الموجودة في المادة وسوف ننشر الرد فور إرساله لنا.

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *