أخبار

عمالة الأطفال في إسطنبول، حاجة الأطفال لقوت يومهم أم استغلال الأهل لصغر أعمارهم ؟!

هدى زغلول

عند مرورك في شوارع إسطنبول ستلاحظ العدد الهائل من الأطفال الذين يعملون في الشوارع، وخاصة في منطقة تدعى أكسرايا.

تعاني غالبيّة العائلات السّورية في إسطنبول من ظروف إنسانيّة صعبة بسبب غلاء المعيشة، ما دفع العديد من الأهالي إلى إرسال أطفالهم للعمل في الشّوارع بدلا من ذهابهم للمدارس، ليتمكنوا من تحسين أوضاعهم الماديّة.

ولكن بعض هؤلاء استغلوا صغر سن أطفالهم لاستجداء عطف المارة، وبالتالي تقديم المساعدات الكبيرة لهم.

يتجوّل الأطفال لساعات طويلة في النهار ومعهم بعض البضائع، في حين يتابعهم أهلهم من بعيد ليبقوا تحت نظرهم في معظم الأوقات، في بعض الحالات يعمل الأهالي إلى جانب أطفالهم.

لكن اللّافت في الأمر، أنّ بعض الأطفال لا يقبلون أن يأخذوا من أحد مالا ما لم يأخذ السّلعة منهم، وبعضهم يحمل الكتب أثناء تجوالهم بقصد الدراسة للإشارة للمارّة بأنّه غير قادر على الدراسة في المنزل بسبب سوء وضعه المادي.

خلود متطوعة في الإغاثة السورية، تذهب يوميا إلى منطقة أكسرايا لجمع المعلومات حول الأطفال، بعد أن تواصل معها أحد المتبرعين لمعرفة معلومات عنهم والاستفسار عن قصصهم، لكن كان عليها الحصول على تأكيد من الأهالي بأنهم سيلتزمون بالاتفاقيّة مع المتبرّع وبأنهم سيبقون أطفالهم في المنزل وإرسالهم إلى المدارس للاستمرار بدراستهم، مقابل الدعم المادي الذي سيحصلون عليه ما يضمن للطفل حياة كريمة.

في اليوم الأوّل التقت خلود بطفلين يبيعون المحارم للمارة وأخبرتهم أنّها تودّ التكلم مع والدهم، بعد عدّة أيّام تمكنّت من التواصل مع الأب وعند سؤاله عن السّبب الذي يدفعه لإرسال أولاده إلى العمل قال الأب: ” كان عليّ أن أدفع الأطفال إلى العمل في الشّارع لأنّني غير قادر على العمل في هذه البلد، ورغم أنّني أبيع المحارم مثلهم لكن الناس لا تتعاطف مع البائعين الشّباب بل يتعاطفون فقط مع الأطفال”.

عندها عرضت خلود على الأب إعطاءه مبلغ 900 ليرة تركي لكلّ طفل شهريا مقابل بقائهم في المنزل والعودة لمدارسهم، لكنّه رفض العرض موضحا بأنّ أولاده يذهبون إلى المدرسة ويعملون بعد انتهاء الدوام ويحصل كل واحد منهم على ما هو مجموعه ثلاثة آلاف ليرة تركية شهريا وبالمقارنة مع ذلك فإن التسعمئة ليرة تركية مبلغ غير مقبول بالنسبة له.

من جانب آخر، يستوقف خلود كثرة الأطفال المتمرسين بالتّلاعب على عواطف الناس والذين يملكون قدرة كبيرة على الكذب لإقناع النّاس بإعطائهم المال تقول خلود: ” يوما بعد يوم يزداد عدد هؤلاء الأطفال ورغم محاولة الأطفال غير المتمرّسين مع أهلهم للدخول إلى هذا السوق إلا أنّ المارّة يمكنهم ملاحظة الفرق بينهم”.

لا يمكن إنكار وجود الأطفال ذوي الحاجة في الشوارع، إلا أنّه بات من الواضح بأنّه سوق عمل مرتب ومنظّم لا يقف عند عمالة الأطفال بل تدريبهم أيضا على “أصول وقواعد المهنة” وطرق تأمينهم أيضا عن طريق مراقبة الأهل لهم في الشوارع.

وعند سؤالنا عن عمل المنظمات في ذلك المجال تقول أغلب المنظمات بأنها تعاني اليوم من مشكلة رئيسية وهي عدم التزام الأهل باتّفاقية المال مقابل بقاء الطفل في المنزل، من يستطيع الوصول اليوم الى منطقة اكسرايا في اسطنبول يستطيع رؤية تلك الظاهرة بشكل واضح جداً

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *