أخبار

في دير الزور .. الحر مع داعش وجيش العروبة … ضد الأهالي

سامر النجم أبو شبلي

لا أحد يعرف ما يجري على أرض مدينة دير الزور (المحررة) غير أهلها الذين وقعوا ضحايا للجوع والذل والمهانة، لتكتمل حكايتهم بوجود أولاد ببدلات خضراء وشارات ملونة تتبع للدفاع الوطني، والأمن العسكري، وفيلق القدس، والجيش بتشكيلاته. فالذين كانوا محاصرين لسنوات من قبل داعش، عادوا للحصار من قبل أولاد العمومة والأصدقاء وأعداء المذهب مقابل أن يناموا بلا قذائف أو جوع.

في هذا الملف الذي يطرحه موقع أنا إنسان حكايات كثيرة، منها ما لا يمكن تصوره، ومنها ما جرى في مناطق أخرى من سوريا، ولكن الذي يحدث هنا يختلف قليلاً حيث لا يستطيع السكان الهروب من الجحيم، طالما أن جيوبهم فارغة، ويبقون أفواههم مغلقة خوفاً من الأسر والاحتجاز القصري لأي هفوة، والسؤال الذي لا بد منه عن هؤلاء العساكر، من هم، ومن أين جاؤوا؟.

يعرف جميع أهالي المدينة أسماء العساكر وقصصهم ومنبتهم، بل والكثير يعرف أسماء أمهاتهم حتى، حيث كان هؤلاء جنوداً مخلصين في “الجيش الحر”، وبعد فترة من دخول” داعش” إلى دير الزور التحقوا بها، وقاتلوا كما لم يقاتل أحد، ولما مالت الكفة دخلوا في المصالحات والتسويات، وباتوا حماة للأرض والعرض مع إيران وروسيا وباقي الفصائل التابعة لجيش النظام.

ولكل هذا تقول السيدة “أميرة” (لهيك الدواعش إلي خربوا البلد من قبل، هم أنفسهم عم بيخربوها بس باسم تاني).

ومن المفارقات التي تدعو للدهشة في بلاد السوريين العجيبة أن هناك أخوة من رحم واحد موزعين على كامل الأطراف المتحاربة، فهناك في أرض الينابيع السوداء تجد الأسرة الواحدة مقسمة بين داعش والحر والجيش، وكلهم ينسقون فيما بينهم من أجل الحماية والمصالح والمال.

الزعيم الأول الحاكم في أكثر أحياء المدينة قائد ما أطلقت عليه إيران “الدفاع الوطني” المدعو “فراس العراقي”، بنى امبراطورية مليئة بالسجون والشجون، فهو ورجاله الأشاوس تغلبوا على الفقر والجيوب الخاوية عندما وضعوا أيدهم على بيوت ومحلات أهلها المسافرين خارجاً، ويقومون بكل عمليات البيع والشراء والتهريب والتصفية.

يقول الناشط “ابن الفرات”: إن أي اعتراض على أي شيء يعمله وعساكره المجمعين من هنا وهناك، فالمصير المحتم السجن، حتى لو تدخل الأمن العسكري بالقضية؛ فلا يمكن لأحد مهما علا شأنه أن يخرج المسجون. وفي 22 من شهر كانون الثاني الحالي قام عسكريين اثنين من أتباع العراقي يقودان سيارتهما بأقصى سرعة في الشارع العام، ويصدمان سيارة مدني، حيث طلبا منه إصلاح الأضرار، وعندما اعترض قاما بتكسير سيارته، وتعذيبه أمام الجميع وسط صراخ زوجته التي لم يستجب إليها أحد.

وتذكر المصادر قصة رجل ينعم بالعز مع لواء القدس الإيراني، وقد تمكن من أخذ عدد من المنازل لعائلات مهاجرة ووضع يده على كل ما بداخلها، وسكن في منزل عائلة تقطن في دمشق، حيث اتصل فيه صاحبه وأمنه عليه حال عودته للدير، وعندما عاد الرجل مع عائلته اكتشف أن منزله الكبير قد نهب بشكل لا يوصف، ولم يبق منه سوى الجدران الباردة، وعندما عاتب صديقه هدده بالسجن والعقاب القاسي، فحمد ربه على الابتلاء وذهب؟.

وتقول المصادر أيضاً أن هذا القائد الهمام كان جندياً باسلاً في الجيش الحر، وابنه كان مع القوات الحكومية قبل أن يقضي في أحد المعارك مع جيش والده، وأخوه من أذرع داعش في ريف دير الزور الشرقي.

القادمين إلى مدينة دير الزور بعد فك الحصار عنها باتوا يعلمون جيداً كيف تسير الأمور، فقد عادوا إلى منازلهم الخاوية، وراحوا يشترون أغراضهم القديمة المعروضة أمام البيوت التي استولى عليها العساكر وقادة الفصائل والضباط وكل من يرتدي زياً عسكرياً. وجواز السفر الذي يجعل هؤلاء أسياداً على البشر والحجر يمكن ملاحظته في الأفران على سبيل المثال، خاصة أن ربطة الخبز هناك تحتاج إلى واسطة كبيرة من أجل جلبها، لكن هؤلاء يأخذون حصتهم بثواني مع حصص أصحابهم وأصدقائهم ومن يريدون له النعمة، أما المواطن فقد ينتظر أربع ساعات كاملة دون أن يستطيع الحصول على هذه النعمة المجبولة بالذل. وقس على ذلك باقي الخدمات إن توافرت.

ووسط هذا الخراب، يحاول أي أب إقناع ابنه بالتطوع أو الانضمام إلى إحدى الفصائل أو لواء القدس، وإذا كان من المعارضين الفارين في الأرياف، فيحاول تأمينه عن طريق المصالحات والتسويات بعد أن يدفع مبالغ مالية كبيرة للمتنفذين، فلقمة العيش باتت أقوى من كل شيء؟.

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *