أخبار

أهالي سهل الغاب في ريف حماة.. ما مصدر قوتهم اليومي؟

 

رغم نزوح أعداد كبيرة من المدنيين من قرى وبلدات ريف حماة الغربي بسبب الاشتباكات والقصف المستمر منذ سنوات؛ إلا أن بعض المناطق هناك ما تزال تنبض بالحياة، من بينها بلدة قسطون، التي شهدت عشرات المعارك بين قوات النظام و فصائل الثوار منذ عام 2011 وحتى انسحاب قوات النظام منها عام 2014.

 

الوضع الإنساني والخدمي في بلدة قسطون

يقطن اليوم البلدة نحو 400 عائلة من الأهالي والنازحين، القلق الدائم والخوف من القصف هي السمة التي تطغى على وجوه ساكني المنطقة، إذ أن مدافع وراجمات معسكر جورين، لا تبعد سوى 18 كيلو مترًا، بالإضافة إلى تحليق شبه دائم لطيران الاستطلاع الذي يمنع الأهالي من إقامة أية تجمعات حتى لو كانت محال تجارية أو أسواق صغيرة، فيما حركة  بالإضافة السيارات ضعيفة جدًا على الطرقات خوفًا من طيران الاستطلاع، إذ أن وجود سيارتين في ذات المكان قد يعرض البلدة للقصف، بحسب أحد الأهالي.

 

وعلى الرغم من وجود مئات العائلات من الأهالي و النازحين،  إلا أن البلدة لم تشهد أي استجابة من المؤسسات الداعمة طيلة السنوات السابقة، بذريعة أنها منطقة عسكرية، بحسب رئيس المجلس المحلي لبلدة قسطون “مهند نعسان”: “نحن على تواصل دائم مع المنظمات لمحاولة تأمين أي نوع من أنواع المساعدة للأهالي أو على الأقل للنازحين، إلا أن المنظمات تمتنع عن القيام بأي أنشطة في المنطقة بحجة أن ريف حماة منطقة عسكرية ولا يمكن للمنظمات العمل فيها”.

 

وقال “نعسان” لموقع أنا إنسان: “إن تبعية المنطقة بالاسم لريف حماة؛ حرمتها طوال سنين من الدعم، رغم محاذاتها لقرى ريف إدلب التي تنشط فيها المنظمات، ما أثار استياء الأهالي بشكل كبير”.

 

شاهد بالفيديو :أوضاع النازحين في مخيم “التح” بريف إدلب عقب تساقط الأمطار

 

الزراعة سبيل الأهالي لكسب الرزق   

يمتهن أغلب السكان مهنة الزراعة كمصدر أساسي للعيش، منهم “عباس الحمد” الذي تحدث عن واقع الزراعة: “لم يتمكن قسم كبير من المزارعين حتى اليوم من حراثة الأراضي، على الرغم من مرور شهر على بدء موسم الزراعة بسبب غلاء أسعار المحروقات وفي مقدمتها مادة “المازوت” التي تجاوز سعرها الـ 600 ليرة سورية، فضلًا عن الارتفاع الجنوني في أسعار البذور والأسمدة، ناهيك عن خوف المزارعين من إدخال آليات زراعية إلى الأراضي القريبة من مكان تواجد حواجز قوات النظام خوفًا من الاستهداف المتعمد الذي أودى بحياة عدد من المزارعين العام الماضي”.

 

وتابع عباس قائلًا: “من المتوقع هذا العام أن يكتفي الأهالي بزراعة الأراضي المحيطة بالبلدة والبعيدة عن الحواجز، ما يعني خسارة محاصيل تقدر بالملايين في حال لم تكف قوات النظام عن استهدافها للمزارعين”.

 

تربية النحل من المهن التي اختص بها أهالي سهل الغاب 

ساعد وجود مراعٍ واسعة و أشجار تغطي أجزاء كبيرة من المنطقة على انتشار مهنة تربية النحل في سهل الغاب، التي باتت مصدر رزق لكثير من الأهالي، بحسب “فادي المهنا”، أحد سكان المنطقة: “بدأت بتربية النحل قبل 9 سنوات كهواية بخلية نحل واحدة ثم خليتين و بعدها توسعت وأصبح لي مردود مالي من بيع العسل سواء للأهالي أو لتجار يصدرونه خارج المنطقة لجودته وأسعاره الجيدة”.

وعن حال المهنة في سنوات الحرب تابع المهنا: “مع مرور سنوات الحرب في المنطقة و خاصة في السنوات الثلاث الماضية، بدأ اهتمامي بتربية النحل يتراجع شيئًا فشيئًا مع نزوحنا من مكان لآخر، إذ لم يعد باستطاعتي تربية النحل، خاصة أن النحل يحتاج لاهتمام ورعاية دائمة وتنقل بشكل دوري بين المراعي و البساتين”.

 

وأردف “المهنا” قائلًا: “مع هذا التصعيد المستمر، واحتمالية نزوحي من المنطقة،  لا أرى إمكانية استمراري بتربية النحل، علمًا أن أغلب مربي النحل يبيعون خلايا النحل لتجار يصدرونها إلى دول الخارج مثل تركيا و السعودية و دول أخرى”.

 

حيوان الجاموس على حافة الإنقراض 

يعتبر سهل الغاب الموطن الوحيد لحيوان الجاموس في سوريا،  وتعود تربيته إلى  قبل 400 عام، بعد جلب أهالي المنطقة له من أجل أعمال الحراثة وللاستفادة من حليبه.

كذلك ساعد مرور نهر العاصي وسط السهل والمراعي الواسعة على تأمين مناخ مناسب لتربية حيوان الجاموس، حيث وصلت أعداده في منطقة سهل الغاب إلى 1500 خلال عام 2013، تركز معظمها في القسم الجنوبي في قرى التوينة، الشريعة، الحويز، والحمرة.

 

أما اليوم، ومع سيطرة النظام على القسم الجنوبي لسهل الغاب وتهجير الأهالي؛ انخفضت أعداد الجاموس من 1500 إلى 50 رأسًا فقط، يتولى رعايتها الشاب “خالد” من قرية التوينة وآخر مربي للجاموس في المنطقة، “ورثت مهنة الرعي بالجاموس أنا وأخي عن والدي الذي عمل في هذه المهنة لسنوات دون مشاكل تذكر، إلا أن المعاناة بدأت بتضييق من سكان القرى الموالية المحاذية لمنطقة التوينة، و سرقة الشبيحة للجواميس، ومنعنا من الاقتراب من المراعي المحاذية لنهر العاصي، ومع دخول النظام إلى قرية التوينة أوائل عام 2019  و خروجنا من القرية؛ قرر جميع المربين بيع قطعانهم للتجار لتأمين أموال تكفي للنزوح خارج المنطقة، أما أنا وأخي فقد نزحنا إلى قرية زيزون شمال سهل الغاب، لعدم رغبتنا بالتخلي عن مهنتا والجلوس في المخيمات دون عمل”.

 

وتابع خالد قائلًا: “بالطبع اضطررنا لبيع بعض الجواميس لتأمين مصاريف عائلتنا بعد النزوح، واليوم نرعى أنا وأخي ما تبقى من القطيع (40 رأس جاموس) في المراعي المحيطة بناحية الزيارة”.

 

وختم يقول: “نأمل ألا يأتي اليوم الذي نخرج فيه من المنطقة، لأن رعاية بالجاموس ستكون شبه مستحيلة خارج مراعي سهل الغاب.

 

عبد السلام الجاسم 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *