رامي مخلوف وانهيار الاقتصاد.. كيف يراه السوريون؟
تزاحمت القوانين والقرارات في الفترة الأخيرة بعد الضجّة التي قام بها رامي مخلوف تزامناً مع ارتفاع سعر صرف الدولار ارتفاعاً كبيراً إضافةً لأزمة فيروس كورونا وفرض الحجر الصحّي الذي دعا جميع السوريين للبقاء في منازلهم.
وبعد كلّ ما سبق ارتفعت أسعار المنتوجات بشكلٍ غير معقول مقارنةً بسنوات الحرب الأخيرة، حيث قام بعض التجّار باستغلال الأزمة الاقتصاديّة والصحيّة، وكذلك يعدّ خوف الناس من انقطاع المواد عاملاً كبيراً في هذا الارتفاع لشرائهم لكميّات كبيرة من حاجاتهم من السوق وتخزينها.
لهؤلاء الناس الذين يعانون من تلك الظروف رأيهم حول الوضع الاقتصاديّ بشكلٍ عام وانعكاسات خطابات رامي مخلوف وقرارات الدولة السوريّة عليهم.
الخبز والمونة
يفتح “أبو علي” محلّه من الساعة الخامسة صباحاً كي يبيع الخبز للمسجّلين لديه، فبعد قرار اعتماد محلّات عامّة لشراء الخبز توجّب عليه الالتزام بهذا القرار والذي لم يغيّر عليه شيء كونه يعيش في ريف طرطوس والاستيقاظ باكراً عادةً عهدها. برأي “أبو علي” أنّ هذا القرار قد سهّل على الدولة السوريّة تحديد عمليّات النصب وسرقة مادة الطحين، ولكن في نفس الوقت لم تنتهِ هذه العمليّات الفاسدة في القرى البعيدة عن مراقبة الدولة، “فالمونة” هي قانون مفروض في القرى السوريّة خاصّةً أنّ بعض الأحيان يكون الرقيب جارك أو ابن عمّك.
ارتفاع الأسعار
أمّا فيما يخصّ العائلة السوريّة، تحدّثت مع السيدة “نسرين” التي لطالما كانت تشكو من الغلاء في السوق، واليوم وبعد تضاعف الأسعار تردّ على سؤالي عن كيفيّة تدبير أمرها قائلة: “دائماً ما نرى على الشاشات السوريّة الحكوميّة تقارير عن كشف فساد لمحال أو إغلاقها لرفع أسعارها أو فتح أسواق بأسعار زهيدة، ولكن إذا ما أتينا على الواقع فهذا محض كذب والجميع يقول ذلك ليس رأيي الشخصيّ فقط”، وبرأيها أنّ الحراميّة – تقصد رامي مخلوف – هم المسؤولون الأوائل عن الفقر الذي نعاني منه جميعنا وخطاباتهم الاستعطافيّة لن تجديهم نفعاً بحسب تعبيرها.
“الضيعة كلّا عم تحكي عليه والناس كلّا بلشت تعرف الكذب وماعد تسكت” هذا ما قاله لي صديقي من قرية “القرداحة” السوريّة – قرية الرئيس السوريّ- بعد الخطابات التي نشرها مخلوف على مواقع التواصل الاجتماعي، فبحسب قوله أنّ القرية كلّها بدأت تخرج عن صمتها تجاه الاستغلال الذي لمس جميع أراضي الدولة السوريّة ولم يقتصر فقط على بعضها، ولكن يبقى الخوف كبير لوجود عصاباتٍ وميليشيات لا زالت تحكم في الساحل السوريّ وخاصّة في اللاذقيّة، فالناس تشتكي ولكن بشكلٍ غير مباشر بحسب وصفه.
ضجة رامي مخلوف
مقابل ضجّة “رامي مخلوف” لاقى الشعب السوريّ ضجّة أخرى حول روسيا والتي ترتبط بمخلوف، فالجميع سمع بالخلافات الحاصلة ولو أنّ الإعلام السوريّ قد غطّى عنها والروسيّ تجاهل بعضها، ولكن الشعب السوريّ اليوم بدأ يتطّلع ويبحث عن الأخبار وبات الجهل عدوّاً له.
بالنسبة لـ “محمد” طالب جامعة تشرين أدب إنجليزي”أنّ روسيا لطالما كانت علاقاتها قويّة مع سوريا لمصالحها الكبيرة في البلد وأنّ تدخّلها في الحرب السوريّة لم يكن عن عبث، ويلاحظ أنّ خلافاتها مع مخلوف ستفرض عليه عقوبات، ولكن في النهاية “نحنا رح ناكلا”، وبذلك الاحتلال الروسيّ يستحوذ على إنتاجاتنا وموانئنا مقابل مساعدتنا في الحرب، والتي لم تفيدنا حتى اليوم، فالفوضى هي مصلحة هذه الدول الكبرى مثلها مثل “أميركا”.
وفي سؤالي لـ “محمد” عن رأيه بالقرارات المتّخذة بحق مخلوف قال: “إنّ إنساناً مثل مخلوف يستحقّ محاسبةً كبرى والشعب السوريّ لا تهمّه حجز أملاكه التي تغمر العالم أجمع، ونحنا بحاجة محاسبة ليس له وحسب وإنّما لجميع الفاسدين، محاسبة لمصلحتنا كسوريين لا كدولة سوريّة تخصّ مشاكلها فقط!”.
إلى اليوم تملأ صفحات التواصل الاجتماعي الشكوى الكبيرة من الغلاء والمجاعة الحاصلة في سوريا، فالبعض يتحدّث بجرأة لم نعهدها في بداية الحراك السوريّ، لنبدأ مرحلة الصرخة الجديدة والتي لن يسكتها الجوع، فإن احترق رغيف الخبز لن يحترق الصوت السوريّ تجاه أيّ تهديد قد عهده.
لجين عبدالرحمن