أخبار

“غرفة الزراعة” في عفرين.. دعم للمزارعين وإثبات ملكية أراضيهم 

تعتبر عفرين من أغنى المناطق الزراعية في سوريا والتي تقدر مساحة الأراضي الزراعية في عفرين بـ 700 ألف هكتار، والتي تمتاز بالتربة الخصبة والمناخ المعتدل مما جعلتها منطقة زراعية بامتياز وتعدد أنواع المزروعات وأصناف الأشجار فيها مثل: الزيتون، والحمضيات، والتفاحيات وكذلك الأشجار الحراجية، والنسبة الأكبر تعود لأشجار الزيتون التي تقدر بـ 18 مليون شجرة، ونحو 30 ألف شجرة رمان، بحسب إحصائية غرفة الزراعة في منطقة “غصن الزيتون” لعام 2018.

بالإضافة إلى وجود أشجار الجوز واللوز في المدينة وكذلك محاصيل أخرى مثل العنب والكرز والبطيخ والخيار، فضلاً عن زراعة العديد من أنواع الخضروات مثل: الخس والفجل والفول والبندورة والخيار، بالإضافة إلى زراعة المحاصيل الموسمية مثل: القمح والشعير.

التعريف بـ “غرفة الزراعة”

ولوجود هذه الثروة الزراعية في عفرين والنواحي التي حولها وحاجتها للتنظيم والرعاية؛ تم تشكيل غرفة الزراعة بمنطقة غصن الزيتون في 15 نيسان لعام 2019، وتفعيل دورها في غرفة الزراعة من قبل رؤساء المجالس المحلية.

وتحدّث مدير غرفة الزراعة في منطقة غصن الزيتون “غازي عجيني” لموقع “أنا إنسان”: “بدأت غرفة الزراعة بجمع توثيقات للأراضي الزراعية وفرزها بحسب النواحي التابعة لمدينة عفرين، جنديرس، شيخ الحديد، المعبطلي، راجو، شران، بلبل، فضلاً عن فرز المزروعات بجميع أنواعها، من خلال إحداث مكاتب تتبع لغرفة الزراعة في كل ناحية”. 

وأوضح “عجيني” ما يتعلق بإثبات الملكية للأراضي الزراعية حيث تم إعطاء الأعضاء المنتسبين لغرفة الزراعة “بطاقات عضوية” يحصل عليها كل مزارع يثبت امتلاكه للأرض عن طريق استمارة موقعة من مختار قريته بالإضافة وجود شخصين شهود.

وبيّن “عجيني” أنه بلغ عدد الفلاحين المنتسبين لغرفة الزراعة في منطقة غصن الزيتون 24 ألف فلاح تُقدم لهم الخدمات بالمجان، عن طريق مشاريع تنفذها المنظمات المعنية بتمكين الفلاحين ودعمهم لوجستياً بالمعدات والأسمدة العضوية وبذار القمح المحسن، مشيراً إلى أنه تم افتتاح 12 وحدة إرشادية موزعة في منطقة غصن الزيتون ضمن مشروع منظمة ISU ووحدة تنسيق الدعم. 

دعم الثروة الحيوانية وتأهيل قنوات الري

تعمل “غرفة الزراعة” على دعم الثروة الحيوانية بتقديم لقاحات متعددة للمواشي بتعاون من غرفة الزراعة في ولاية هاتاي التركية وتقديم الأعلاف والعناية الطبية للأغنام والماعز والبقار، من قبل منظمة أهل حوران، بالإضافة إلى تأهيل قنوات الري وتنظيفها وتأهيل سد ميدانكي وإدخاله الخدمة كي تصل المياه لجميع الفلاحين في عموم المنطقة، لافتاً إلى أن الهدف من غرفة الزراعة تقديم الخدمات للفلاحين بشكل عام وتمكينهم في مجال الزراعة من خلال هذه المشاريع والنهوض بهم من جديد. 

استفادة المزارعين من بطاقة عضوية غرفة الزراعة

انتسب المزارع “محمد خير الأفندي” لغرفة الزراعة منذ بداية عملها في منطقة عفرين، وتحدّث لموقع “أنا إنسان” بأنه حصل على بطاقة عضوية عبر التسجيل في المكتب الرئيسي في ناحية جنديرس بعد إثبات الملكية لأراضيه المزروعة بأشجار الزيتون والجوز، فضلاً عن المحاصيل الموسمية كل القمح والشعير والبطاطا، مشيراً أنه قد تلقى دعم لوجستي من غرفة الزراعة، بتزويده بالقمح المحسن والأسمدة وتكاليف الري بمادة الديزل في صيف 2019، ليستطيع زراعة أرضه التي تبلغ مساحتها قرابة 30 دونم في ناحية جنديرس.

بالإضافة إلى حصوله على أسمدة عضوية لأشجار الزيتون والجوز وتسهيل عملية جني هذه المحاصيل كل عام دون أي تعب يذكر بحسب قوله.

وأشار “الأفندي” إلى أنه استفاد من المواسم بعد انتسابه إلى غرفة الزراعة بنسبة 60% من المحاصيل السابقة، التي كان يدفع لها تكاليف كبيرة جداً تتوزع بين المعدات والعمال والنقل وقد وفرت كل هذه الخدمات غرفة الزراعة بأسعار رمزية كي تساهم باستمرارية العمل بالزراعة فضلاً، عن تسويق المحاصيل الزراعة وبيعها بأسعار أفضل من أسعار السوق المحلية التي كانت سابقا تقوم على استغلال الفلاحين من قبل التجار أو دخول المحاصيل إلى البازارات لتباع بأدنى الأسعار ولا تحقق اكتفاءً ذاتياً للفلاحين في المنطقة.

وتابع قوله المزارع “الأفندي” عن أمنياته: “يوجد نقص بالمعدات الثقيلة لا تمتلكها غرفة الزراعة مثل الآليات لتنظيف قنوات الري كل عام ونأمل من غرفة الزراعة أن توفر هذه الآليات لأنه من الضروري جداً تنظيف قنوات الري الرئيسية والفرعية، وأن يتم تأمين الدعم الكافي لجميع الفلاحين لكي نستمر بالعمل في هذه الأرض التي لا طالما اعتنينا بها منذ زمن بعيد”.

 

 

الآثار السلبية للأراضي الزراعية في منطقة غصن الزيتون

في عام 2018 شهد الواقع الزراعي في منطقة غصن الزيتون تراجعاً ملحوظاً بنسبة 40% بعد تحرير المنطقة بعملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيشان التركي والوطني السوري الحر، ضد وحدات حماية الشعب (PYD)، مما انعكس سلباً على الزراعة حيث ترك بعض الفلاحين أراضيهم ممن كانوا مقاتلين ضمن صفوف الوحدات الكردية أو العاملين ضمن المؤسسات بالمنطقة، فضلاً عن الانتشار الواسع للألغام الأرضية داخل الحقول الزراعية التي خلفتها تلك القوات مما دفع الفلاحين لهجرها وعدم العمل بزراعتها، فقد قتل على أثر هذه المخلفات أكثر من 132 مدني من أبناء المنطقة والمهجرين إليها.

ومن جهته، يعلّق على ذلك المزارع “خليل حنان” بإنه ترك أرضه لمدة 9 أشهر بعد تحرير منطقة عفرين بسبب الانتشار المكثف للألغام التي كانت مزروعة داخل حقل الزيتون الذي يمتلكه ولم يستطع الدخول لجني موسم الزيتون حتى جاءت فرق الهندسة لإزالة هذه الألغام من أرضه والتي يقدر عددها إلى 17 لغم أرضي، ليبدأ العمل بها من جديد مشيراً إلى أن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وحقول الزيتون والجوز والرمان هجرها أصحابها بسبب خروجهم من المنطقة لارتباطهم القوي وعملهم مع حزب pkk.

وأشار “حنان” إلى أنه تابع عمله في الاعتناء بأشجار الزيتون في مزرعته، التي يقدر عددها 2000 شجرة، رغم شح الإمكانيات المتاحة لديه وكذلك نقص الأدوية والمبيدات الحشرية التي ارتفع ثمنها بالأسواق المحلية، إذ بلغ ثمن كيس السماد العضوي 60 ألف ليرة سورية بوزن 50 كغ فضلاً عن ارتفاع أجور النقل وحراثة الأرض وأجور العمال، بالإضافة إلى فقدان المبيدات الحشرية والأكياس التي تستخدم في ملئ الزيتون بداخلها، والتنك لتعبئة الزيت بعد عملية عصر الزيتون.

ويضيف “حنان”: “كانت معاناة صعبة وتكاليف زائدة لدي وليس أنا فقط إنما على جميع المزارعين في المنطقة حتى تم تفعيل غرفة الزراعة لاحتواء الفلاحين ضمن جسم واحد يؤمن لنا الاحتياجات الأساسية لكي نتابع العمل في أرضنا دون أي خسارة”.

ويعتمد 80% من سكان منطقة عفرين على الزراعة بجميع أنواعها لتحقيق الاكتفاء الذاتي وبيع الفائض ضمن الأسواق المحلية داخل المنطقة ولأهل عفرين تاريخ قيم في مهنة الزراعة، فمنذ أكثر من 200 عام توارثها الأبناء عن الأجداد والآباء إلى يومهم هذا، وهي مهنتهم الوحيدة طوال العام لذلك تتعلق جميع أعمالهم وأمنياتهم بتلك المواسم.

 

ماجد عثمان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *