أخبار

فريال, أجمل الأمهات التي انتظرت أبنائها

سماح الحسين – دمشق – خاص ” أنا قصة إنسان “ 

عاشت هذه الأم, حال الكثير من الأمهات السوريات اللاتي استباحت الحرب شعور أمومتهنّ,وتُركوا .. بلا فلذّات كبدهنّ, فتعددت أسباب الغياب لكن ألم الشوق واحد.

فريال“فريال جبر” البالغة  42 عاماً  أمّ لثلاثة شبّان في ربيع العمر, سلبتها الحرب إياهم وتركت لها منزلاً يعج بالذكريات, وشوقاً يطاردها كل لحظة تمر وهي بعيدة عن ولديها .. بعدما راح ابنها البكر “يزن” ضحية حرب ظالمة في 31/7/2012 ,برصاص إحدى عصابات الحرب التي قتلته أمام عينيها, بكل برودة, مربوطة اليدين والقلب, كأن ما حصل هو محض خيال حسب قولها.

هجرها ابنها الأكبر, هجرة قدر أحمق الخطى في يوم وليلة, كما الحلم .. فأتاها الحزن متبختراً, ضيفاً ثقيلاً سكن قلبها وجعل من الصمت بركاناً يثور فيها مردوم بالإيمان.

حينها بدأ يضيق عليها المكان, ولم يكن في حيلتها إلا الصبر, والعيش لولديها الباقيين وزوجها, لكن ما لبثت أن تقبلت فراق الكبير, حتى سلبتها الغربة ولديها الآخرين “مضر” و “جواد”, الذين تغرّبوا إلى ألمانيا بغية إكمال علمهم وتأمين حياتهم باحثين عن الأمن والأمان والاستقرار, حالهم حال الكثير من الذين رحلوا بسبب قانون خدمة العلم الإلزامي الذي يعتبر سبب أساسي من أسباب هجرة الشباب السوري ولجوئهم للخارج, القانون الذي يلوّع الأم حزناً ويكسرها .. ويضني عظمتها بلا خجل, فيرديها سجينة ذاكرتها, تحصي الوقت على عجلة للقاء الأحبة, بعدما علقت في عناقهم ذات يوم ولم تخرج منه حتى الآن.

فريالطال الهم جسدها لا روحها فقط, بات يظهر من عينيها شوق لاذع, ومن يديها رغبة غمر أيدي أولادها .. وفي صوتها غريزة أم عقيمة لم ترزق بأبناء, ومن وجنتيها ندوب قبلات تركها الراحلون, فتجسدت أوجاع روحها في جسدها, وخضعت لعملية جراحية في عينيها لإزالة الكتل التي أصابت عصب العيون والوجه, كما أنها عانت من مشاكل عصبية وتعالجها حتى الآن, إنه الحزن اللئيم ! يضرب أصقاع النفس من جسد وروح, بلا رحمة.

ابناء فريال فريال أمٌ سوريّة, تقاوم ألم تخصيب الذاكرة كل يوم .. وتحارب الحرب والحزن بصبر أمومة من حديد, وأمل بلقاء أبنائها حاملين شهاداتهم العلمية, آمنين, محققين كل أمانيهم, الشيء الذي كان من الصعب تحقيقه في سورية.

وفي عيد الأم أرادت أن تقول للعالم: لا ترخّصوا دموع أمّهاتنا, كما رخّصتم دماء أبنائنا, فالدمع مهما كان ثمين, ثمنه حب, لا مال يُحصد بالقتل والحرمان !

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *