أخبار

في عفرين .. سكة قطار الحجاز القديمة ملاذ عائلات حمصية مهجّرة

باتت سكة القطار الحديدية المعروفة بـ “سكة قطار الحجاز القديمة” على أطراف ناحية راجو من الجهة الغربية بريف مدينة عفرين شمال حلب، مأوى للعديد من العائلات المهجرة من مدن حمص وإدلب وحلب، ليس بانتظار القطار لرحلة سفر، إنما هنا آخر المطاف ونهاية الرحلة هرباً من الموت وقصف قوات الأسد وحليفه الروسي.

على مناطق أرياف ادلب وحلب، التي تشهد موجات نزوح هي الأضخم منذ اندلاع الثورة السورية بحسب فريق منسقو استجابة سوريا، فقد بلغ عدد النازحين إلى منطقة عفرين 9193 عائلة من 15/12/2019 حتى تاريخ 24/2/2020 في القرى التابعة إداريا لمجلس عفرين 4446 عائلة بحسب المجلس المحلي لمدينة عفرين.

فكان نصيب ناحية راجو استقرار أكثر من ٣٠٠ عائلة حيث اتخذت 55 عائلة من سكة قطار الحجاز القديمة مأوىً لهم لربما هذا المكان يكون آمناً بعض الشيء عن مناطق أخرى، إذ يقدر عدد النساء المقيمين هناك بـ 50 امرأة وأكثر من 120 طفلاً.

 

يقول “أحمد أبو فهد” المنحدر من حي دير بعبلة بحمص لموقع “أنا إنسان” : “خلال تسع سنوات من الثورة السورية تهجرت مع عائلتي أكثر من ثماني مرات بدأت من مسقط رأسه حي دير بعلبة إلى داخل مدينة حمص، وذلك بعد أن قامت المليشيات الشيعية بالدخول إلى الحي وارتكاب المجزرة المروعة بحق أهالي حي دير بعلبة في عام 2012 ثم انتقل إلى داخل مدينة حمص مكث داخل المدينة ضمن الحصار الذي دام لمدة عامين”.

وتابع “أبو فهد” أنه بعد حصار مدينة حمص خرج إلى الريف الشمالي للمدينة ورفضه للخروج إلى الشمال السوري.. بدأ يتنقل من قرية إلى أخرى حيث تعرض منزله الذي كان يستأجره للقصف المباشر بالطيران الحربي وأصبح كومة من الحصى ونجى مع عائلته، بحسب قوله.

لينتقل إلى مكان أمن في قرية أخرى انتقل بالريف الشمالي 4 مرات بفترة زمنية قصيرة بين الفترة والأخرى، إلى أن أجبر الأهالي بريف حمص الشمالي إلى التهجير قسراً إلى الشمال السوري في 10/5/2018.

وأوضح “أبو فهد” إلى أنها لم تنتهي رحلة التهجير والنزوح فقد نزح عدت مرات زار فيها جميع أنحاء محافظة إدلب من أريحا إلى جبل الزاوية إلى سلقين وكفريا وغريها من المناطق حتى وصل إلى آخر المطاف في راجو بعفرين.

مفترشاً أرضية سكة قطار الحجاز بخيمة قماشية حصل عليها من متبرعين لكنه يسكن فيها بدون زوجته وأطفاله إنما مع رفاقه الخمسة بعيداً عن عوائلهم لشدة البرد داخل الخيام وعدم قدرة الأطفال والنساء الإقامة فيها لشدة البرد والصقيع ما أجبر عائلته اتخاذ منزل قديم ليكون الأنسب لهم بالقرب من سكة القطار التي أُنشأت عام 1912 ، وكما يذكر “أبو فهد” بأن السكة دخلت الخدمة مدة 9 سنوات فقط وكانت محطة انطلاق الحجاج من تركيا إلى أرض الحجاز بالإضافة لنقل البضائع والتجارة على طول امتداده مناطق السكة.

12 عائلة من أقارب أبو فهد، نصبت الخيام بالقرب من البناء الحجري القديم الذي يعود الى أكثر من 100 عام ذو البناء  المتصدع المهجور التي توقفت عن العمل في عام 1917 .

رغم ذلك السكة الحديدية ت شدت البرد القارص بسبب الجغرافية التي تقع فيها ناحية راجو بالقرب من الحدود التركية وقربها أيضاً من جبال طوروس التي لا يغادرها الجليد لشهر تموز من كل عام

 

وتصف “أم أحمد” وهي مهجرة من مدينة حمص مع أطفالها الأربعة وزوجها التي تعاني مع عائلتها من صعوبة أحوالها الإنسانية منذ وصولهم إلى راجو حيث تقول أنه لم يبق لهم شيء ولم يستطيعوا إخراج أمتعتهم من شدة القصف الذي كان يستهدف كل كائن حي يتحرك فقد خرجوا بملابسهم وبعض الأشياء الخفيفة.

وتشير إلى أنها جاءت إلى سكة القطار مستغلة أرضيتها المفروشة بالحصى الصغيرة بعيداً عن الأراضي الزراعية وتحت أشجار الزيتون الموحلة ولعدم وجود أماكن صالحة للمعيشة مما جعلها تضع الخيمة على تلك الأرضية الأفضل من غيرها بجانب هذا البناء القديم الذي لا يعرفون متى يسقط بسبب تصدعه.

وتردف “أم أحمد” أن الأجواء باردة لم تكن تتوقع هذه البرودة وبدون طعام ولا مياه للشرب ولا حتى حطب للتدفئة، وتعيش “أم أحمد” مع أسرتها على حبات البطاطا الفاسدة لأن ثمنها زهيد جداً ولا تمتلك المال الكافي لشراء غير هذه المادة التي تضعها في الماء على نار أوقدتها من بعض عيدان الحطب لتطعم أطفالها الصغار.

يُذكر أن معاناة النازحين من ريفي حلب وإدلب تفاقمت خلال الأسابيع الماضية، وذلك بسبب موجات النزوح الكبيرة وعدم قدرة المنظمات الإنسانية على استيعاب هذه الأعداد الهائلة ومساعدتهم، في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة لمعظم المخيمات التي انتشرت في قرب الحدود التركية، وهو ما يعانيه أيضاً نازحي سكة القطار إذ تزداد معاناتهم الإنسانية صعوبةً يوماً بعد الآخر في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة لا سيما الطعام والشراب ومواد التدفئة والكهرباء تحت اسقف خيام قماشية لا تقي برد الشتاء وحر الصيف، فقد مضى على وجودهم قرابة الشهر دون دعم حقيقي للتخفيف عنهم معاناتهم، إلا من بعض المبادرات الفردية البسيطة من تأمين الخيام وبناء الحمامات الصغير وتقدم بعض الاحتياجات البسيطة التي لا تسد رمق ولا تغني من جوع .

 

ماجد عثمان

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *