أخبار

في يوم المرأة العالمي .. احتجاج اللاجئات السوريات في لبنان ضد فساد المفوضية

بينما تحتفل النساء في مختلف بلدان العالم، بيوم المرأة العالمي، نظمت مجموعة من اللاجئات السوريات في لبنان، اعتصاماً صامتاً أمام مبنى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في زحلة في منطقة البقاع. رفعت اللاجئات المعتصمات العديد من اللافتات التي خططن عليهن صرختهن.

تقول مريم الحمود لموقع أنا إنسان، وهي إحدى المنظمات للاعتصام: “نحن اليوم لا نحتفل كما بقية النساء في عيدنا، بل نحن هنا لننتفض، ونرفع صرختنا بأنّنا موجودات. فكيف لنا بالمطالبة بحقوقنا ولا أحد يعترف بوجودنا أصلاً”.

وتضيف مريم أنّها كلاجئة في لبنان، تطالب بحقوقها وحقوق أسرتها في العيش الكريم، والغذاء والمأوى الآمن، والصحة، والحماية. 

بينما تقول راما 17 سنة، إحدى الفتيات المشاركات في الاعتصام: “صمتنا هو أبلغ من الكلام. نحن هنا لا نحصل على حقوقنا في التعليم، الأوراق الثبوتية عائق أساسي في إكمال تحصيلنا العلمي، علاوة عن وجود العديد من الفتيات خارج المدارس، إمّا لعدم وجود مدارس تستوعبنا، أو لرفض الأهالي ذهابهن خوفاً من التعنيف في المدرسة، أو خوفاً من التحرش على بناتهن. فالمدارس الرسمية تستقبل الطلاب السوريين في الدوام المسائي بأعداد محدودة.”

تعددت مطالب السيدات في هذا الاعتصام، سواء لإثبات وجودها، وللتذكير بالعنف والعنصرية والاستغلال والتحرش التي تتعرض له دون وجود دور لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحمايتهن أو تقديم المساعدة لهن.

فجميع السيدات وغيرهم من اللاجئين، أجمعوا على تجاهل المفوضية لمطالب اللاجئين، وأكدوا على وجود الفساد المستشري بين الموظفين. دائماً تكون ردود موظفي المفوضية على اللاجئين (أنتم غير مؤهلين للمساعدات الغذائية. أنتم غير مخولين للحصول على الرعاية الطبية. أنتم غير مطابقين لمعايير إعادة التوطين…)

 الكثير من اللاجئين يذكرون قصصاً عن بيع ملفاتهم في السفر من قبل موظفين للاجئين آخرين، وقد اكتشف اللاجئون هذا الأمر بعد مقابلات أجروها داخل المفوضية، وتمّ تأكيد سفرهم، ثم تلقوا اتصالات بتجميد ملفاتهم وانّ مقابلاتهم متلفة.

هذا جزء ممّا تداولته أحاديث السيدات فيما بينهن، قبيل بدء الاعتصام. وأكدنّه بإحدى اللافتات التي رفعنها للمطالبة بلجنة تحقيق دولية تبحث في الفساد داخل مفوضية لبنان.

شاهد بالفيديو :اعتصام للاجئات السوريات في لبنان بيوم المرأة العالمي

 لم تخرج أيّ من موظفات المفوضية لتستمع أو لتقف مع المرأة السورية اللاجئة في عيدها، بل على العكس تماماً، وقفوا رجال ونساء الأمن (الحماية) مرتدين لباس المفوضية، بشكل سياج مواجه على الجهة المقابلة للرصيف الذي تقف عليه اللاجئات السوريات.  واكتفوا بالسؤال بين بعضهم عن وسيلة الإعلام التي تغطي الحدث، وعن منع الجميع بتوجيه الكاميرات لبناء المفوضية..

أجمعت المعتصمات أنّهن لا يستطعن العودة إلى سورية، بسبب ظروف الحرب والقتل والاعتقال، التي هربن بسببها إلى لبنان، وأنّ هذا ما يجبرهن على الحياة الرديئة هنا لسنوات. فكيف لمفوضية الأمم أن تفتح أبوابها لتصرف آلاف الدولارات على موظفيها دون أن يكون لهم دور حقيقي مع اللاجئين. هذا ما يتساءلن به المعتصمات!

تقول عواطف: “ماذا يعني يوم المرأة العالمي، إذا المرأة محرومة من حقوقها، وإذا هي ضمن بيتها لو صار معها شيء لا تستطيع أن تحصل على حقها. لماذا هذا اليوم إذا أنا لا أملك حقوق. نحن اليوم نقف أمام المفوضية خارج بلدنا، ومجردات من حقوقنا. فلماذا الاحتفال، وماذا يعني؟”

أمّا انا، حضرت هذا الاعتصام لأنني منذ أيام أسعى جاهدة لمساعدة هذه المجموعة البسيطة من السيدات المتحمسات اللواتي تواصلن معي للمساهمة في تنظيم الاعتصام، وكنّ قد تعرفن على بعضهن في الاعتصامات الدوريّة التي يقمن بها للمطالبة بحقوق اللاجئين على مدار خمسة أشهر مستمرة.

 انا لاجئة أعاني ما يعانين منه، وأؤمن حقّاً بفعاليتهن النابعة بعفويّة المبادرة، بعيداً عن أضواء النشطاء والجمعيات والفاعلين في المجتمع المدني، والذين تغيبت أصوات مناصرتهم لمثل هذه الوقفة الاحتجاجيّة.

فمشاهد الطفلات مع أمهاتهن اللاجئات في الحقول منذ ساعات الفجر الأولى حتى مغيب الشمس لا تغيب عن ذهني، خاصة أنهن يتعرضن للاستغلال من قبل “الشاويش” الذي يأخذ ضعفي أجرهن، ويدفع لهن مقدار ثلاثة دولارات مقابل العمل طيلة اليوم. 

وعيون سمر التي لا زالت تبكي كلما ذكرت لنا قصتها، بالتعنيف والإهمال، الذي تعرضت له من قبل الممرضات داخل غرفة الإنجاب في احدى المشافي اللبنانية، كما الكثيرات مثلها لأنّهن لاجئات. ولأنّها طالبت بحقّها تعرضت وعائلتها للتهديدات.

ترى السيدات المعتصمات أنّه لا جدوى من الاعتصامات التي يقمن بها، ويعرفن مسبقاً أنّه لا يوجد من يصغي لهن، ولكنّهن سيستمرن بهذا ليثبتوا وجودهن، وليصرخن بصمتهن انّه لن يستطيع أحد طمس الحقيقة، وأنهن يدركن حقوقهن المسلوبة. لعلّه يأتي اليوم الذي يتمكن فيه من صياغة دستور في بلدهن يحفظ حقوقهن أينما حللن، ولعلّه تتحقق العدالة والسلام في سورية، أو ينجين إلى بلد يحترم وجودهن الكريم في الحياة، ويتمكن من نقل الانتهاكات التي يتعرضن لها هنا وتوثيقها، والمحاولة من حدّها بالنضال الجماعي للنساء في العالم.

فهنّ يرفضن الإطار الذي رسمه المجتمع الدولي لهن في مثلث (الخيمة، وسلة المساعدات الغذائية، وإنجاب الأطفال). هنّ يبحثن عن التعليم ومحو الأمية، وفرص عمل وتدريبات، تمكنهن من العيش بكرامة وحرية.

 

مزنة الزهوري
التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *