أخبار

كيف انتشرت المطاعم الدمشقية في إدلب وأصبح مقصدا للمدنيين؟

 

يستيقظ أبو سعيد داريا (45عاما) مبكرا لتجهيز الفول والحمص والفلافل قبل قدوم زبائنه لتناول وجبة الفطور في محله التجاري الواقع في مدينة إدلب؛ حيث يقصده عشرات السكان بشكل يومي نظرا لوجباته اللذيذة التي يقدمها بحكم خبرته السابقة أثناء عمله في مطعم للمأكولات الشعبية في دمشق إضافة إلى أسعاره المقبولة والمعاملة الجيدة التي يقدمها كادر المطعم للزبائن.

أبو سعيد هو أحد المهجرين وصاحب أحد محال المأكولات الشعبية والذي فتح محله التجاري بعد تهجيره إلى الشمال السوري من مدينة داريا بريف دمشق ويقول لموقع أنا إنسان” قبل خروجهم من مدينة داريا لم يكن يعلمون وجهتهم المستقبلية أو أي فكرة عن إمكانية حصولهم على عمل مستقبلاً في إدلب، وخصوصاً في ظل الروايات التي كان ينشرها النظام بأن مستقبلهم في إدلب أشبه بالمنفى “.

مضيفاً بأنه ” بعد وصولهم تم استضافتهم بشكل جيد ولكن كانت هناك صعوبات في إيجاد العمل، ولكن تمكننا من دخول سوق العمل من باب المطاعم الشعبية، حيث قمنا بافتتاح مطعم في وسط المدينة لبيع الفلافل والفول والفتة حيث أنه نملك الخبرة قبل الثورة في هذا المجال بالإضافة إلى وجود بعض المواد الجديدة التي تعطي الأطعمة مذاقاً جيداً “.

 

أثر حملة التهجير التي طالت أهالي داريا والمعضمية في ريف دمشق الغربي وأهالي الغوطة الشرقية من قبل النظام السوري بعد حملة جوية روسية أدت إلى مقتل المئات من السكان ودمار هائل في البنية التحتية ومن ثم نقلهم بالباصات إلى محافظة إدلب في العام الماضي وذلك ضمن اتفاق بين فصائل المعارضة وروسيا.

بدأ المهجرون بعد وصولهم إلى إدلب ومعاناتهم من ضيق المعيشة، بافتتاح العديد من المصالح للعمل بها في المحافظة وذلك بهدف تأمين فرص لهم للعمل؛ حيث يشتهر أهالي دمشق بالمطاعم الفاخرة ومطاعم الوجبات السريعة والمأكولات الشعبية التي يشتهرون بها؛ حتى باتت المطاعم الدمشقية تتمتع بالجودة والمذاق الجيد وباتت مقصدا لآلاف المدنيين في المناطق المحررة وخصوصا مطاعم الفلافل والفول والفطائر.

 

 

ويشير أبو سعيد إلى أنه ” في الأيام الأولى لافتتاح المطعم شهدنا كثافة للزبائن على المطعم بالإضافة إلى محاولتنا الحفاظ على الطقوس الشامية في العمل، ومما يثير للاندهاش أن الأسعار بين مناطق الغوطة المحاصرة وإدلب كانت متفاوتة بشكل كبير حتى تنافس الأسعار في مناطق النظام مما يسهل عمليات الشراء ويحقق مدخولاً جيداً، وهذا ما دفع أهالي الغوطة إلى التأقلم على الوضع بسرعة”.

 

 

وقد تم افتتاح مطاعم شعبية لبيع الفطائر والمعجنات والمأكولات الشعبية واللحم والدجاج المشوي والشاورما في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، فيما افتتحت محال أخرى في مدن الدانا وسرمدا ومدينة إدلب وسراقب وتعود جميع تلك المطاعم لأهالي ريف دمشق وحتى بعض المهجرين من مدينة دمشق.

ولم تقتصر المصالح التي افتتحها أهالي ريف دمشق على المطاعم والمأكولات الشعبية حيث بدأ العديد من التجار بدخول سوق العمل من باب صنع الأحذية وافتتاح شركات تجارية ومحال تجارية لبيع المواد الغذائية والصحية بالإضافة إلى تجارة مواد البناء.

 

ويقول محمد عمر الغوطاني وهو مسؤول في شؤون المهجرين بريف دمشق لموقع أنا إنسان بأن: ” من الملاحظ لتوزع المطاعم الشعبية لأهالي الغوطتين بأنها تتركز في المدن الرئيسية في محافظة إدلب، من أجل كسب أكبر قدر من الزبائن وخصوصاً في المناطق المزدحمة ذات الكثافة السكانية مما يسهل عليها تسويق أنفسها مقابل المطاعم الأخرى “.

مضيفاُ بأن ” المشاكل التي قد تواجه أصحاب المطاعم هو عدم وجود رؤوس أموال ضخمة لدى أهال الغوطة بسبب الحصار الذي دام 7 سنوات مما أدى إلى ادخار جميع الأموال وبيع الممتلكات، وتدمير قسم منها وخصوصاً أن هذه المصالح تحتاج سيولة من أجل شراء محال ومعدات من أجل تطوير العمل “.

موضحا إلى أنه ” رغم الشهرة التي باتت تتمتع بها مطاعم الغوطة إلا أنه يجب مراعاة المطاعم الأخرى التي تعود لأهالي المدينة وإتباع مبدأ المنافسة الشريفة مع المطاعم الأخرى، لأن هذا الأمر يجب التعامل معه بحذر من أجل عدم المضاربة على المطاعم الأخرى الذي قد يولد الشحناء بين أصحاب المطاعم والمهجرين “.

وقد استطاع أهالي ريف دمشق تأمين مصالح تجارية أمنت مئات الوظائف للمهجرين الذين يعانون من البطالة بعد وصولهم للمينة وخصوصاً أن المطعم أو معمل الأحذية يستوعب عدد لا بأس فيه من العمال ويكون النسبة الأكبر فيهم من المهجرين حيث أنه من شأن هذا الأمر تأمين فرص عمل كبيرة لأهالي الغوطة.

ويقول محمد بشر وهو مسؤول في ملف استجابة لأهالي الغوطة لموقع أنا إنسان بأنه: ” بعد إحصاء للمطاعم التي افتتحها أهالي الغوطة أصبحت تتجاوز 70 مطعماً في عدة مناطق في إدلب فيما بات أحد المطاعم الشامية في مدينة إدلب الذي يبيع المأكولات الشعبية كالفول والفلافل مقصداً لمئات المدنيين من عدة مناطق من ريف إدلب بسبب جودة طعامه مما دعه إلى افتتاح أفرع عديدة في باقي أنحاء المدينة.

مضيفاً بأن: ” هذه المصالح بحاجة إلى تطوير من خلال دعمها وتشجيعها من قبل المنظمات التي تعمل على إيجاد فرص عمل للمهجرين وخصوصاً المشاريع التنموية التي تقوم بها المؤسسات الإنسانية في هذه الفترة، وذلك من خلال منح مبالغ مالية للأشخاص الذين يريدون إنشاء مصلحة خاصة بهم تغنيهم عن السلال الغذائية “.

 

أحمد العكلة

 

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *