حكاية الشهيد الفلسطيني … زياد عوض
ازهار عويضة- فلسطين – خاص ” أنا قصة إنسان”
“حمم ابن عمه الشهيد جعفر عوض، وطلع اشترى الحناء والتمر والقهوة السادة عشان يحضر لجنازة ابن عمه، طلع بجنازته وهو بالجنازة قنصو قناص اسرائيلي وقتله واستشهد”
زياد عوض ابن التاسعة والعشرين تاريخ حافل بالنضال ضد الإحتلال الصهيوني تم اغتياله بدم بارد اعلنت سلطات الاحتلال عن اغتيالها لعدة شباب في الضفة الغربية والشهيد زياد عوض كان من بينهم.
أُعتقل زياد عوض للمرة الأولى في 13 كانون اول بتهمة ضرب ملوتوف على معسكر جيش، كان عمره حينها 23 عاماً، تم اعتقاله من امام البيت اقتحموا بيتنا واخرجوا النساء منه فتشوه بطريقة همجية جداً قلبوه رأساً على عقب، تركوا الشباب ووالدهم في البيت وعندما انتهوا ادخلونا واخذوا معهم زياد إلى الخارج، ربطوا يديه ورجليه واغمضوا عينيه وانهالو عليه بالضرب، كنت اراهم من نافذة البيت المُطلة على المأذنة، تم اعتقاله الساعه الثالثة والنصف صباحاً من التاريخ المذكور اعلاه.
استعملوا معه اساليبهم المعتادة، حاولوا ان يُشبكوا بينه وبين رفيقه الذي أُعتقل معه حيث أنهم اخبروا بأن رفيقه اعترف عليه، واخبروا رفيقه بالعكس كل محاولاتهم باءت بالفشل، تم تهديده بتعطيل عمل والده وقطع رزق عائلته وبإحضار أُخته إلى مركز التحقيق فهم كانوا على علم تام بأن امور كهذه تُثير عواطفنا وتجعلنا نزأر من اجل العرض والشرف ولكنهم لم يعلمون بأن الأرض هي الأهم، تم تهديده ببتر يديه بألة البتر، استعملوا التعذيب النفسي والجسدي معه حتى خضع لهم واعترف بما لم يفعله.
خرج من المعتقل في تاريخ 15 شباط 2009، من كثر اشتيق اخته مي له اجتازت الحاجز الذي كنا ممنوعين من اجتيازه واحتضنته كأنها لأول مرة تراه وبكيا بشدة من كثرة الشوق مما جعل كل من كان حولهم يبكي عليهما، عدنا به إلى البيت كأنه يوم عيد لكل العائلة.
تزوج زياد من زوجته حنين في 30 تموز 2010 رُزقا بثلاثة أطفال مصلح ودلال وايات، أطلق على طفاله اسماء شهداء ضحوا بأنفسهم من اجل القضية الفلسطينية التي ضحى اكثر شبابنا بأرواحهم لاجلها.
اقتحمت قوات الاحتلال بيته مرات عدة بلا احم ولا دستور، كانوا يقتحمون البيت في منتصف الليل وزوجته واطفاله نُيام لم يسألو عن حرمة البيت ولا عن شيء فمهنتهم اقتحام البيوت ليلاً وجميع سكانها راقدين في فراشهم، كانوا يُخضعون البيت لتفتيش همجي مما ادى الى خوف اطفال زياد حينها وارعابهم فالأطفال لا يعلمون ما يحدث حولهم، اعتاد الطفل الفلسطيني على سرقة طفولته منه وانتهاك حقوقه باللعب في العاب لجيله وأصبح لعبتهم الوحيدة حجراً يُدافعون به عن اراضيهم وبيوتهم امام دبابة مضخخة بالأسلحة وجنوداً لا تعرف للرحمة طريق.
في تاريخ 10 نيسان ال2015 ذهب زياد ليُشارك في حمام جثة ابن عمه الشهيد جعفر عوض، حضر للجنازة واشترى الحناء والتمر والقهوة كتحضيرات اولية ليوم الجنازة، اثناء الحمام حسد ابن عمه جعفر على النور الذي يُبعث من جسده كملاك، وهمس له بأُذنه امام الجميع قائلاً:”اشفع لي بجنته يا رفيقي”.
انهوا الحمام وخرجوا بجثة الشهيد الملفوفة بعلم فلسطين حاملينها على اكتافهم، اخذوها لوالدته ونساء العائلة حتى يودعون الشهيد إلى جنته، وخرجوا بالجنازة مُتجهين نحو المقبرة ليدفنوه.
اثناء ذلك لم يكن أي مواجهة بين الشبان وجيش الاحتلال، كان يختبئ قناص اسرائيلي خلف الحاجز ويحمل بيده سلاحاً موجهاً نحو زياد وقنصه من بين جموع الرجال التي تمشي بالجنازة، واغتالوه بدم بارد وبرصاص محرم دولياً.
اغتالوا زياد كأغتيالهم للعديد من الشباب الفلسطيني، واعلنوا في اليوم التالي بصحفهم عن نجاحهم في اغتياله هو وبعض الشباب المسجل على قائمتهم التي لا تنتهي.
ترك وراءه زوجة في ريعان شبابها حاملاً بطفلة بشهرها الثالث واسمتها كما كان يرغب والدها ايات وطفلان مصلح ودلال، اختار لإطفاله اسماء شهداء حتى يسيروا على دربه ودربهم في نيل حق بلادهم بالحرية والاستقلال.
سمعنا صوت الرصاص وبعدها بساع هجائنا خبر بأن زياد استشهد برصاصهم، كأنه كان يشعر بالموت حين همس للشهيد جعفر اخر وصاياه، لم يكن زياد الشهيد الأول من اجل الأرض والكرامة ولن يكون الأخير.