دور رعاية تحولت سجون للنساء في مدينة الريحانية التركية
مرام شمالي
ليس كلّ ما يبرق ذهباً، تقول الحكمة في مسرحية شكسبير، تماماً كما هو الحال في الشعارات العريضة المحبّبة والمحقّة، فقد تكون مجرّد حبرٍ على حائط!
ولعلّ يافطةً تحمل اسم “دار الرعاية” مثلاً تستدعي القارئ للاعتقاد أنَّ ثمّة ملائكةٌ على الأرض، بيد أنّ الواقع الذي رصدناه كان مغايراً للصورة المتخيّلة أعلاه.
فاطمة وهي “الأرملة”، أمٌّ لأطفالٍ جرحها وصفهم بالأيتام تقول: التجأت وأطفالي إلى دار الأيتام غيرَ أننا خرجنا منه بعد أشهرٍ قليلة.
لم أستطع تحمّل الوضع، إنّه سجنٌ والقائمون على الدار سجانون، تضيف فاطمة.
التجربة “المرّة” لم تكن فقط في الدار التي تركتها فاطمة، إذ تكرّر الأمر معها في دارين أخرتين، فهي (دور الرعاية) وفق فاطمة لا ترعى شيئاً إلّا مصالح القائمين عليها، كما أنّ القوانين الجائرة المفروضة في كلّ دارٍ تتبع توجّه الإدارة الديني، فمثلاً والحديث لفاطمة: “منعوا ابني وعمره 10 سنوات من الإقامة معي، لأنّ ذلك حرام”، تستأنف: أليس فصله عني أكثر حرمة!
مأساة فاطمة تبدأ من اليافطة كما أكّدت لنا، لأن وصف أبنائها بالأيتام يسبّب لها ولهم بألمٍ كبير، “ألم يستطيعوا وهم المتديّنون أن يجدوا كلمةً أقل عنفاً” تتسائل فاطمة وهي الآن تقيم في الريحانية التركية الحدودية مع سورية، في بيتٍ بدائي استأجرته منذ قرّرت ترك دور الرعاية.
قصّةُ فاطمة ليست حالةً فرديةً على ما يبدو، السيدة رجاء تحكي تجربتها في دور الأيتام هي الأخرى: استشهد زوجي في سوريا وتهجّرت من قريتي، لأحط في الريحانية، وأسكن الآن في ميتم من المياتم الكثيرة التي توجد بهذه المنطقة, والذي كنت أعتقد أنها أسست من أجل رعاية اليتيم وأمه وكفالته واحتضانه ورعايته . للأسف الشديد مثله مثل كثير من المياتم التي لها قوانين صعبة ومذلة لأرملة لديها أطفال.
التحكّم بنزلاء دار الأيتام بحسب رجاء يشمل قرارت بطريقة لباس زوجة الشهيد وأبنائه، وبالذهاب والإياب، وأنا كغيري ملزمة بالسمع والطاعة لأوامر الإدارة.
وتضيف: كما خلفت الحرب الدمار بالبنية التحتية والأملاك والأرواح خلفت أيضاً دماراً في نفوس من سولت له نفسه أن يستغل وضع اليتيم والأرملة التي إن أعجبت مدير الدار فلها الأولوية بكل شيء وإن كان العكس فهي على الهامش.
شهادة أحد العاملين في دور الرعاية واجبةٌ ليأخذ التقرير حقّه من التوازن، السيدة عبير مشرفة سابقة في إحدى دور الأيتام، قالت: المدير هو المسؤول عن الأرملة التي فقدت زوجها وإن أعجبته كان لها النصيب الأكبر من الدعم والكفالات كما أنه يجد لزوجته وظيفة وراتب لكي يزيد رصيده من المال .
وتلفت عبير في إفادتها إلى الزواج المؤقت من النساء في دور الرعاية، إذ تؤكّد أنّ المسؤولين يقومون بالزواج من نساء في الدار ثمّ يطلقوهنّ بعد فترةٍ وجيزة.
الحل برأي عبير هو صرف رواتب شهرية للعائلات وتركهم وشأنهم يعيشون كيفما اتّفق لهم العيش، بدل أن يكونوا مشاريع استثمارية لضعاف النفوس وتجار الحروب.