أخبار

شروط تعجيزية للحصول على بيت للايجار في دمشق

لا يعرف حسان سبيلا لإيجاد منزل جديد بسعر يتناسب مع دخله المتوسط،  فصاحب منزله الحالي يريد رفع أجار المنزل الواقع في جرمانا على أطراف العاصمة دمشق من 100 ألف ليرة سورية إلى 150 ألف ليرة شهريا، أو استبداله بمستأجر آخر مستعد لدفع المبلغ الجديد دون نقاش.

يخبره صاحب البيت صراحة “إذا كنت لا تملك القدرة على دفع المبلغ الذي أطلبه هناك زبون من دير الزور جاهز للدفع حالا وسيسدد أجار المنزل لسنة مقدما”.

يبحث حسان في المكاتب العقارية ويسأل أصحاب البقاليات وبعض الأصدقاء، يتعبه البحث المتواصل عن منزل لعائلته دون أن يجد ما يناسب وضعه المادي، معظم أصحاب المكاتب يخبرونه باستحالة أن يجد منزلا مفروشا بأقل من 80 ألف ليرة  داخل جرمانا وإن وجد فلن يكون صالحا للسكن على حد وصفهم.

فوق كل ذلك يتعامل بعض أصحاب المنازل مع المستأجرين بحسب المنطقة التي يأتون منها، فالأجار الذي يطلبونه من القادمين من مناطق كدير الزور يفوق الأجار لذي يطلبونه من ابن الغوطة ويختلف أيضا عن الإيجار الذي يطلبونه من ابن دمشق. “يفضل معظمهم تأجير القادم من دير الزور على غيره فالصورة النمطية عن أهالي الدير أنهم اصحاب رؤوس الأموال” بحسب عامر صاحب أحد المكاتب العقارية.

شهدت أسواق العقارات في دمشق ارتفاعا مستمرا منذ العام 2011 وحتى الآن، بزيادة تتناسب طردا مع جشع أصحاب البيوت والمكاتب العقارية واستغلالهم حاجات الناس من جهة، وارتفاع الأسعار الجنوني لمتطلبات الحياة وانخفاض قيمة العملة السورية من جهة أخرى.

رشا وفادي زوجان يقطنان في منطقة المزة في شقة مكونة من غرفة وصالون استأجراها منذ زواجهما عام 2013 مقابل 35 ألف ليرة سورية، لكن صاحبة المنزل ومع تجديد العقد كل عام تطلب زيادة في الأجرة، ولأنهما لم يريدا التنقل من منزل إلى آخر  كانا يوافقان في كل مرة على هذه الزيادة بعد فشلهما المتكرر في إقناعها بعدمها، والآن وصل أجار منزلهما إلى 100 ألف ليرة سورية أي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كان عليه أول مرة.

تقول رشا: “لا خيار لدينا إذا أردنا الانتقال إلى منزل آخر لن نجد سعرا أقل من الذي ندفعه، لقد أثقل الإيجار كاهلنا  ونريد الآن تسجيل طفلنا في الروضة، لا نعرف كيف سنفعل ذلك يعمل فادي صباحا ومساء ويذهب راتبه للإيجار وراتبي يذهب للمصروف المنزلي”.

أرقام خيالية

وصلت إيجارات بعض البيوت في مناطق المالكي وأبو رمانة إلى 8 مليون ليرة سنويا، وتعتبر هذه المناطق الأغلى في العاصمة دمشق وتتراوح الأسعار فيها بين 500 ألف ومليون شهريا، لكن يشترط أن يكون الدفع لسنة مقدما.

في منطقة المزة تتراوح الإيجارات بين 200 و400 ألف شهريا  ويشترط في الغالب أصحاب البيوت الدفع سنويا الذي يتراوح بين مليونين ونصف و 5 مليون ليرة سورية.

في مناطق كالمجتهد شارع بغداد الزاهرة مساكن برزة خالد بن الوليد الميدان تبدأ الأسعار ب120 ألف شهريا لغير المفروش و200 ألف للشقة المفروشة.

أما على أطراف العاصمة كجرمانا وصحنايا وجديدة عرطوز تتراوح الأسعار بين 75 ألف ليرة و200 ألف ليرة شهريا.

وبمقارنة هذه الارقام مع مستويات الدخل المتفاوتة نجد الفجوة كبيرة، فراتب الموظف الحكومي لا يصل إلى 100 دولار شهريا وموظف القطاع الخاص يتراوح راتبه بين 200 و400 دولار فمن سيدفع هذه الأرقام الكبيرة؟؟

شروط أصعب

شروط كثيرة يضعها أصحاب البيوت أمام الباحثين عنها، فإضافة إلى الإيجارات المرتفعة يشترطون الدفع مقدما لستة أشهر أو سنة ومعظم الاحيان يطلب الكثيرون أن يتم الدفع سنويا، بل إن إيجاد منزل بأجار شهري قد أصبح حلما صعب المنال. زيادة على كل ذلك يطلب بعضهم أن يتم الدفع بالدولار الأمريكي.

لكن الأصعب حقيقة هو الحصول على الموافقة الأمنية للسكن والتي لا يمكن إشغال المنزل دونها رغم أن استصدارها يحتاج شهرا في بعض الحالات، سعيد الحظ من تأتيه بالقبول إذ غالبا ما يتم رفض إعطائها للقادمين من مناطق كدرعا وادلب، وتصعب العملية على القادمين من الغوطة وحلب.

لكن كمعظم المعاملات التي تتم في البلد دفع مبلغ كالخمسين ألف ليرة قد يسهل العملية قليلا.

من جانب آخر يشترط البعض أن تكون العائلة صغيرة أو عرسانا فقط، فماذا ستفعل العائلات ذات عدد الأفراد الكبير بنفسها؟؟

لأصحاب البيوت وجهة نظر، يقول منذر صاحب شقة في منطقة شارع بغداد: “نشترط العائلات الصغيرة حين نقوم بتأجير المنزل مفروشا كي نضمن الحفاظ على الأثاث الموجود فيه، في إحدى المرات استأجر منزلي 3 عائلات رغم أنني وقعت العقد مع عائلة واحدة فقط اكتشفت لاحقا أنهم ثلاثة، حين خرجوا وجدت العديد من الأضرار التي رفضوا إصلاحها. منذ ذلك الحين رفضت توقيع أي عقد مع المستأجر حتى أتأكد من العدد الفعلي للقاطنين في المنزل”.

محال تجارية تتحول إلى سكن

نزحت أم أسعد مع عائلتها وعائلة ولدها أسعد من منطقة يلدا إلى جرمانا قبل أربع أعوام أصيب أسعد بشظية قذيفة هاون أفقدته القدرة على الحركة فاضطرت زوجته وأخته للعمل في تنظيف المنازل ليتمكنّ من تأمين متطلبات العيش، لكن كل ذلك العمل لم يكن كافيا لدفع آجار المنزل البالغ خمسين ألف ليرة سورية والذي أصر صاحبه على إخراجهم منه قبل عامين، لتلجأ العائلتان لاستئجار دكان صغير في أحد أحياء المدينة، ليتحول الدكان غير المعد للسكن إلى منزل يؤويهما.

تقول أم أسعد : “تعمل ابنتي وزوجة ابني من الصباح حتى المساء حتى نستطيع تدبر أمرنا، المكان هنا غير معد وغير صالح للسكن، لا خصوصية ولا مرافق جيدة. صنعنا من إحدى الزوايا مطبخا صغيرا نحاول تدبير أمورنا من خلاله وفوق كل هذا علينا دفع 40 ألف ليرة سورية مقابل هذا القصر، لكن رغم كل ذلك الحمد لله لدينا سقف يؤوينا”.

اعتقد الكثيرون أن استقرار المناطق كالغوطة الشرقية ودير الزور وحلب وعودة بعض الأهالي إليها قد يساهم في خفض إيجارات البيوت، لكن المعتطيات الحالية لا تنبئ بذلك أبدا، ورحلة البحث عن منزل في دمشق تصبح أصعب يوما بعد يوم.

 

نور إبراهيم

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *