أخبار

طيران النظام … دمر حلم حياته

أنس الشامي

“تمنيت بأن أصبح لاعباً يعرف اسمه كل صغير وكبير، يكبر حلمي مع تقدمي بالتدريب كل يوم”، لطالما تخيل أبو صلاح نفسه من أشهر لاعبي كرة القدم في بلده، فهو عاشق للرياضة وتحديداً كرة القدم، فالكرة تتحرك بين قدميه كاللعبة السحرية، يحركها كيفما شاء، وكأنها تحادثه، وتسمع ما يهمس لها قلبه.

أبو صلاح شاب يبلغ عمره 35 سنة، لم ينقطع عن لعب كرة القدم خلال سنوات الحصار التي عاشها في الغوطة الشرقية، فشارك في نوادٍ وفرق محلية ونال جوائز على مستوى الدوريات التي كانت تقام في المنطقة.

استمر أبو صلاح بنشاطاته الرياضية إلى تلك اللحظة التي فقد بها يده وقدمه، بفعل قصف من الطيران الحربي استهدف طريقاً كان يجري به محاولاً إنقاذ طفل.

“لم تقتل الغارة الجوية أبو صلاح لكنها قتلت حلمه”

بدأت القصة مع مشهد يومي متكرر في الغوطة، فالطائرة لا تفارق أجواء المدينة، بينما أبو صلاح كان يخبئ أطفاله في الملجأ.

من المنزل كان أبو صلاح يراقب أجواء الحي عن طريق فتحة مطلة على الشارع، أثناء ترقب الطائرة فوجئ الشاب بوجود طفل في الشارع ووالدته تصرخ عليه كي يختبئ في الوقت الذي اقتربت فيه الطائرة من إنزال حممها على المدينة.

لم يفكر أبو صلاح للحظة فترك أطفاله في الملجأ وهرع يركض مسرعاً نحو الطفل، وكأنه في مباراة، وما إن وصل للطفل حتى رمى بجسده فوقه ليحميه من الخطر.

قصفت الطائرة وأبو صلاح والطفل لا يشعران بما حولهما بسبب دوي الغارة، ما هي إلا دقيقة حتى نظر أبو صلاح للطفل واكتشف أنه لم يصب بأي أذى، لكن ماذا حل بأبو صلاح؟

أصيبت يده وقدمه، حلم سنوات تناثر أمامه كلمحة بصر، لم يستطع بعدها الشاب أن يمارس الرياضة خاصة أنه يعاني من شلل باليد اليمنى وضياع بالمفصل وانقطاع الأوتار وتفتت بالقدم اليمنى ونوبات متكررة من ضيق التنفس، بعد أن استنشق غاز الكلور السام في إحدى المرات التي تعرضت فيها الغوطة الشرقية للقصف الجوي.

ولتكتمل معاناة أبو صلاح وآلاف المدنيين في الغوطة الشرقية، كان أحد المهجرين قسرياً من الغوطة إلى الشمال السوري.

إصابة أبو صلاح جعلته قعيد غرفة مظلمة عاجزاً حتى عن تأمين لقمة العيش لأطفاله، وآخرهم طفلة العشرة أيام التي ولدت بعد تهجيره إلى الشمال السوري.

يعيش الشاب مع أحلام أطفاله ماجدة وصلاح وسعيد وأحمد وماريا وآلام التهجير والحرمان من العلاج في غرفة واحدة تضم الأفراد السبعة في بيت تعيش فيه ثلاث عائلات منكوبة ولا تتوفر فيه مقومات الحياة.

حلم أبو صلاح تحول من أن يصبح رياضياً مشهوراً إلى أن يخرج للعلاج هو وأطفاله الخمسة حتى يعود إلى حياته الطبيعة ويعيش حياة كريمة ويعود لنشاطه كما كان في السابق، فهل سيتحقق حلمه يوما ما يا ترى؟

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *