أخبار

في السويداء … زواج لكن بلا عقود رسمية

لينا طربيه – السويداء – خاص أنا إنسان

شيوخ وعدد من الحضور من الجانبين هو كل ما تحتاجه لإتمام عقد زواج دينيي يجعل من شاب وفتاة زوجين شرعاً في السويداء، فبعيدا عن إجراءات القانون والبصمات والتواقيع يقرأ المشايخ السور القرآنية ويختمون لوكلاء العروسين بعبارة (أنت أزوجت وأنت قبلت) ويباركون الزواج.

ولأن هذا الزواج يتم بطريقة دينية وعشائرية بحتة، ونتيجة لحالة الحرب التي دفعت بآلاف الشبان في السويداء لرفض الخدمة العسكرية، ونظرا لعدم قدرة هؤلاء الشباب على توثيق زواجهم في المحاكم خوفاً من اعتقالهم وسوقهم للخدمة شهد هذا النوع من الزواج رواجا كبيرا، لتغدو الأنثى الخاسر الوحيد في هذا النوع من الزواج، فلا إشهار لحق ولا ضمانات أو توثيق أو أوراق تكفل لها أي حقوق في حال حدث طلاق أو وفاة أو ما شابه، حيث تمارس الدولة نوعاً من الحصار على جميع الرافضين الذهاب للخدمة العسكرية عبر مؤسساتها ومن منع تشجيل عقود الزواج لكل شاب مختلف عن الخدمة العسكرية.

فاتن عبد الحق، موظفة في معمل للحلويات بريف السويداء الجنوبي، تحدثت عن تجربتها مع الزواج الديني لموقع (إنسان)، وذلك بعد أن اتخذت قرارا مع الشاب الذي أحبته مع بداية الأزمة بالارتباط.

قالت (عبد الحق): “بعد أن تمت خطوبتي من الشاب الذي أحببته بفترة وجيزة، استدعي خطيبي للخدمة الاحتياطية، فامتنع عن الالتحاق بها خوفا من الموت في هذه الحرب، التي التهمت كل ما جاء في طريقها”، حسب وصفها.

وأضافت: “أدى قرار خطيبي بعدم الالتحاق بالخدمة العسكرية لأن نحسم أمرنا ونقبل بالزواج بعقد ديني فقط، ريثما نتمكن من تسجيل هذا العقد لدى الدولة ومحاكمها”.

وبالفعل تم الزواج بحضور عدد من مشايخ الدين وعدد من الأقارب من الطرفين تؤكد (عبد الحق)، مشيرة إلى أنه وبعد فترة وجيزة من الزمن اعتقل زوجها على يد إحدى الدوريات، وسيق إلى الخدمة الاحتياطية.

وصفت (فاتن) حالها بعد هذه الحادثة بقولها: “بدأت أعيش في حالة خوف وقلق دائمة، بسبب عدم تسجيل زواجي لدى محاكم الدولة، الأمر الذي سيؤدي إلى حرماني من كافة حقوقي في حال حصل مكروه لزوجي ولم أستطيع من إثبات الزواج وتسجيله رسميا، كما حدث في بعض حالات الزواج بعقد ديني فقط”.

“فبالرغم من أن هذا العقد يتم على أيدي رجال دين من طائفة التوحيد ما يجعله شرعيا، بشهادتهم إن شهدوا بالحق، إلا أنه يحرم الزوجة من حقوقها إن رفضوا هؤلاء أنفسهم الشهادة بصحة الزواج”، حسب تعبيرها.

واستدركت “حصل ما كنت أخاف منه، وجاء خبر استشهاد زوجي، وهنا بدأت معاناة جديدة، أرملة دون زواج رسمي، وكبرت المشكلة عندما رفض أهل زوجي الاعتراف بزواجنا وتثبيته، طمعا منهم في حقوقه كشهيد، والتي سيحرمون منها إن ظهر أن له زوجة”.

ولفتت إلى أنه “وبعد محاولات عديدة مع عائلة زوجها للاعتراف بالزواج باءت جميعها بالفشل، التجأت إلى القضاء الذي ثبت بشهادة شيوخ الدين الأجلاء الذين وقفوا معها، وشهدوا بالحق  بأنهم عقدوا العقد الديني بحسب العادات الدينية الخاصة بطائفتنا، وبأنه زواج شرعي”.

ولم يكن حال (خلود سلوم)، والتي تزوجت أيضا بعقد ديني لظروف خارجة عن إرادتها، بأفضل من حال (فاتن)، فخلود، والبالغة من العمر 35 عاما، اعتبرت نفسها وصلت لسن العنوسة وفقا لمعايير المجتمع، وهذا وحده كان كافيا لأن تقبل بزواج بعقد ديني، حسب ما روت لموقع (إنسان).

ليس هذا وحسب قالت خلود: “فقد كان لوضع أسرتي المادي السيء دور في اتخاذي هذا القرار، إضافة إلى أن فرص الزواج أصبحت قليلة جدا، بعد موت من مات في الحرب، وهجرة آخرين هربا من ويلاتها، فلم يكن لي إلا أن أتزوج بعقد ديني، نظرا لأن الشخص الذي يرغب بالارتباط بي كان ملاحقا نتيجة هروبه من الجيش بعد أن كان في خدمة الاحتياط”.

وأردفت (خلود): “عندما تم الزواج وأعطيت موافقتي لشيوخ الدين الذين أتموا هذا الزواج، كان لدي الثقة الكاملة بهم، لأن رجال الدين يحظون بمكانة عالية في المجتمع”، مشيرة إلى أنه “وبعد فترة من الزواج حدث الحمل، وهنا أصبح بإمكانها أن تقوم بتسجيل زواجها في المحكمة  حتى دون حضور الزوج”.

فقد كان كافيا أن تقوم برفع دعوة قضائية على زوجها، مع تقرير طبي يثبت حالة الحمل، وبحضورها وحضور والد الزوج يحكم القضاء بتسجيل الزواج، بعد أن يؤكد والد زوجها أنها زوجة ابنه، حسب تعبيرها.

وتابعت ” تفاجأت بأن زوجي قد أعادني إلى منزل أهلي، ورفض الاعتراف بالحمل والزواج، وعلى الرغم من محاولة عائلتي الضغط على عائلة زوجي من خلال الوجهاء كي يعترفوا بالزواج، إلا أنهم أصروا على عدم الاعتراف به”.

ولفتت إلى أنها “وعندما طرقت أبواب الشيوخ الذين عقدوا العقد الديني، فوجئت أن موقفهم كموقف عائلة الزوج، فكانت المصيبة أكبر، فمن جهة مصيبة الزواج الذي أصبح غير شرعيا، ومن جهة أخرى مصيبة الحمل بطفل رفض والده الاعتراف به”.

ونتيجة لهذه الخيارات الضيقة اضطرت (خلود) للتخلص من الحمل، والعودة لمنزل عائلتها بزواج غير شرعي.

ومع تكرار هذه الحالات من التلاعب بالعقد الديني، وإن كانت حتى الأن تعتبر حالات فردية، إضافة لانعدام الرادع الأخلاقي عند الكثير من رجال الدين الغير مؤهلين لإتمام مثل هذا النوع من الزواج، كان لابد من إيجاد وسيلة ما لتسجيل هكذا زواج بشكل رسمي، حتى وإن كان بعيدا عن محاكم الدولة.

ومن هنا أنشئت دائرة لتسجيل الزواج بشكل رسمي بأوراق رسمية، في دار الطائفة بقرار من مشيخة العقل، كوسيلة للحفاظ على حقوق المرأة المتزوجة بعقد ديني فقط.

 

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *