«حراشف السمكة».. مرض نادر يصيب طفلاً في ريف حلب الشمالي
حتى سن الثالثة كان باران يتمتع بطفولة طبيعية، لكنه تحول إلى شخص آخر عندما ظهر على جسمه مرض غريب أطلق عليه الأطباء حراشف السمكة، دون أن يستطيعوا وقف الحكة الدائمة، واحمرار العيون، والألم المرافق، والتغيير الدائم في الوجه.
تقول والدة باران أن طفلها الذي يبلغ السادسة من العمر، ويسكن ريف حلب الشمالي كانت ولادته طبيعية وظل حتى سن الثالثة؛ حيث بدأت تظهر عليه أعراض مرض أطلق عليه الأطباء حراشف السمكة، هو ليس اسماً علمياً بقدر ما يكون توصيفي للحالة فجلده بات قريباً لجلد السمكة. وتضيف: «الحراشف تنتشر على كامل جسده؛ لدرجة غيرت ملامح وجهه، وهذه الحراشف تزداد في فترات محدد من السنة، وتخف في أخرى، وتسبب له الحكة الدامية».
لم تترك العائلة باباً إلا وطرقته دون جدوى، وسط تكهنات الأطباء وتجريبهم للدواء إن وجد، وتتابع الأم حديثها بالقول: «عجزنا في الحصول على الدواء الشافي، ولم نترك طبيب جلدية أو داخلية في مدينة حلب؛ إلا وعرضناه عليهم، غير أن كل محاولاتنا باءت بالفشل، وأكد لنا الأطباء أن باران سيشفى، فيما قال لنا أطباء أخرين أنه سيستمر بمرضه حتى يبلغ السادسة عشرة من عمره، وها نحن ننتظر».
كلها تبقى تكهنات وسط عجز الأطباء عن فهم مرض الطفل وحالته، وبالنسبة لوالدته؛ فقد اقتنعت من أحد الأطباء الكثر الذين التقتهم، وتمسكت بالأمل الذي منحه إياها بإمكانية العلاج الطفل، ولكن تبقى الامكانيات والظروف تحول بينها وبين المحاولة بسبب التكلفة العالية لذلك.
بحسب أحد الأطباء الذين اطلعوا على الحالة وبحث عنها، فإن علاجه متوفر في تركيا، وهو أن يوضع داخل حوض مائي كبير، ويقوم نوع محدد من السمك بأكل الحراشف البارزة على جسده، لكن والدته استهجنت العلاج في بادئ الأمر، ورأته غريباً بعض الشيء، ولكن مع الوقت باتت مقتنعة به كون مرض ولدها وشكل الجلد قريب من السمك، وربما يكون الدواء شبيهاً أو قريباً من الداء.
أما من الناحية النفسية، فقد أثر مرض باران على العائلة كلها، وخاصة على الأم التي كانت تتجنب الخروج من المنزل، حيث يقي الأطفال يخشون اللعب معه، لكن مع مرور الوقت، باتت الأم معتادة على الأمر، واعتاد الأطفال والجيران على شكل الصغير الذي يتمتع بالذكاء والفطنة والروح التواقة للمرح، وهو ما قرّب الأطفال والناس منه.
وتختم الأم وصف محنتها بالقول: «لدي طفلتان غيره؛ وقد ولدتا بحالة سليمة وطبيعية، لم يصابا بأي مرض، ولم يسبق لنا في العائلة أن أصيب أحد بهكذا مرض، فهو ليس وراثي، وغير معدي أبداً، ولكن نصيب باران أن يصاب به، وأنا كأم لا يمكن أن أتخلى عنه أو أفقد الأمل بشفائه أبداً، وسأبقى متمسكة بأمل شفائه مهما طال الزمن».
وفي النهاية؛ تحتاج حالة الطفل باران إلى علاج خارج البلاد، لعدم توفر المختبرات والدواء الناجع في البلاد، وهو ما تعجز عنه عائلة الطفل الذي يتغير شكله كلما تقدم به العمر، فهل هناك من مجيب لإنقاذه من هذا العذاب والألم؟.
يزن محمود