أخبار

مركز حررني … تمكين الناجيات من الإعتقال هدفنا الأول

هاديا منصور

اعتقلت سلام في سجون النظام وتنقلت بين عدة أفرع قبل أن يتم إطلاق سراحها بعد أكثر من عام ونصف قضتها في أقبية التعذيب والظلم والظلام .

سلام التي خرجت من سجنها لم يكن طريق الحرية بالنسبة إليها مفروشاً بالورود بعد أن اصطدمت بصعوبة الاندماج في المجتمع من جديد، لكنها وجدت في (مركز حررني) مكاناً يوفر لها الدعم النفسي والاجتماعي والمهني .

حيث تم افتتاح مركز حررني في إدلب بهدف تمكين الناجيات من الاعتقال والأخذ بأيديهن لتلقي التأهيل الاجتماعي الذي يساعدهن على تقبل الذات واستعادة التوازن النفسي، وتدريبهن على مهن مختلفة لتحسين واقعهن المعيشي  .

سلام (٢٤عاماً)تتحدث عن مدى استفادتها من خدمات المركز بقولها :”قدم لي المركز مساعدات عديدة جعلتني أرمم ذاتي وأواجه الصعوبات وأعود إلى حياتي أكثر قوة وعزيمة، كما تمكنت من تحسين واقعي من خلال متابعة دراستي الجامعية  .”

ولاء أحمدو(٤٠عاماً)مديرة المركز تتحدث لأنا إنسان عن دوافع إنشائه بقولها :”يتم إخلاء سبيل المعتقلات عادة ويبقين تحت تهديد أمني بمحاكم مرتقبة وملفات أمنية غير مغلقة، الأمر الذي يدفعهن للانتقال إلى المناطق المحررة ليكن في مواجهة صعوبة الاندماج في مجتمع جديد بلامعيل أو سند، لذلك تم افتتاح المركز بريف إدلب لتأهيل المعتقلات والتخفيف من معاناتهن وإعادة دمجهن في المجتمع .

وتبين أحمدو بأن برامج المركز تتضمن برنامج للدعم النفسي يتولى تطبيقه طبيب نفسي مختص إضافة إلى برنامج توعية سياسية من خلال جلسات عن القانون الدولي وحقوق المرأة والمعتقلين بحسب الأعراف والقيم الدولية إضافة إلى برنامج مهني لتدريب المستفيدات على بعض المهن والحرف اليدوية النسائية، مشيرة إلى أن عدد المستفيدات من خدمات المركز وصل إلى ٤٠مستفيدة إضافة إلى عدد من المتأثرين بشكل غير مباشر من الاعتقال من زوجات المعتقلين وأبنائهم .

وعن المساعدات المادية التي يقدمها المركز للمستفيدات تردف أحمدو :”يقدم المركز مساعدات تعليمية لمن تود إكمال تعليمها، إضافة إلى مساعدات طبية تحصل من خلالها المريضات على تلقي العلاج اللازم .”

عبير (٣٥عاماً)من ريف حلب الشرقي وجدت في مركز حررني متنفساً بعد خروجها من المعتقل وعن معاناتها تقول لأنا إنسان :”كان الاعتقال التجربة الأسوأ في حياتي، حيث تم اعتقالي في حلب بتهمة المشاركة في المظاهرات المناهضة للنظام السوري، وعندما خرجت من السجن وجدت كل شيء حولي قد تغير، وأكثر ما كان يؤلمني هو نظرات اللوم الموجهة إلي من المجتمع، في الوقت الذي لازالت ذكريات السجن والضرب والتعذيب وسوء المعاملة حاضرة في داخلي، الأمر الذي دفعني للانعزال في سجن إرادي وضعت نفسي فيه لأهرب من واقعي المأساوي .”وتضيف متحدثة عن استفادتها من الانضمام لمركز حررني :”قرر أهلي بعد فترة من الزمن إرسالي إلى بيت أخي المقيم بريف إدلب، وهناك سمعت بافتتاح مركز حررني فقررت الانضمام إليه، وقد ساعدني المركز على التحرر من قيود السجن نفسياً وأحدث تغيرات حقيقية على واقعي، أما زميلاتي في المركز فهن يفهمن المعاناة التي مررت بها، لذلك أعتبرهن الكنز الحقيقي بالنسبة إلي بعد أن جمعتنا وحدة الألم والمصير .”مؤكدة أنها تمكنت من تعلم مهنة نسج الصوف والحرير وباتت تتعامل مع أحد المحلات التجارية لبيع ما تنتجه من منسوجات، وبذلك أصبحت تؤمن مصروفها بمفردها دون أن تكون عبئاً على أحد .

المرشدة النفسية براءة خمورة (٣٥عاماً)من معرة النعمان تتحدث عن معاناة المعتقلات بقولها :”تعيش المعتقلات عادة بين نارين، الأولى من المعتقل الذي لا يمكن لأعتى الرجال أن يتحمل المقام فيه، والثانية من الظلم والانكسار المعنوي من المجتمع المحيط الذي يلقي بظلاله عليها بعد الخروج من المعتقل والذي من الممكن أن يكون أشد قسوة من السجن ذاته .”وعن الأمراض النفسية التي تقع الناجيات من الاعتقال فريسة لها تضيف:”يعتبر الاعتقال من أقسى الجرائم الإنسانية وأكثرها تسبباً بالرض النفسي، لأن زبانية السجون السورية يتفننون في تعذيب ضحاياهم لإحداث حالة من الرعب والترويع داخل السجون وخارجها .”مبينة بأن :”الكثير من النساء من ضحايا تجربة الاعتقال التعسفي يعانين من أعراض نفسية متعددة، إذ يعشن عادة في هالة من العزلة والخوف وفقدان الثقة والتوجس من صورة السجانين تظهر على شكل عزلة وانزواء وشرود مستمر، وتتغذى هذه الاضطرابات على العلاقة المتبادلة بين شخص الناجية وطريقة تعاملها مع المشكلة من جهة، وبين البيئة المجتمعية وموقفها تجاه المشكلة من جهة أخرى .” لذلك تعتبر الخمورة أن آلية دمج المعتقلة المفرج عنها مع المجتمع والتعامل معها كما يليق بها من أهم الأمور التي يجب أن نهتم بها، كما يجب أن نشعرها بالأمان والحب والاحترام ونساعدها على البوح والتذكر والتواصل مع  نفسها لتعود إلى طبيعتها محاولين طمأنتها وعدم الضغط عليها لأنها بطلة حرب كالمعتقلين والجرحى .

تختتم الأحمدو حديثها لأنا إنسان بالقول:”لا تنتهي معاناة المعتقلة السورية إثر حصولها على الحرية، فإلى جانب ما تخلفه تجربة الاعتقال من آثار نفسية تأتي النظرة المجتمعية القاسية والمجحفة في كثير من الأوقات، لتمنعها من تخطي هذه التجربة المريرة، لذلك كان مركز حررني خطوة أمل  للتخفيف من معاناة المعتقلات السابقات وتنمية مهاراتهن وصولاً للتمكين وتحسين ظروف حياتهن، وتحويل سنوات الانكسار والذكريات المؤلمة إلى قوة وإرادة .”

التعليقات: 0

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها ب *